أسرار 5 جويلية.. كيف تحولت الهزيمة إلى أعظم انتصار في تاريخ الجزائر؟
أسرار 5 جويلية.. كيف تحولت الهزيمة إلى أعظم انتصار في تاريخ الجزائر؟ محمد الأمين جيلالي

أسرار 5 جويلية.. كيف تحولت الهزيمة إلى أعظم انتصار في تاريخ الجزائر؟

  • انسخ الرابط المختص

في كل عام، ومع حلول الخامس من جويلية، تستعيد الجزائر ذكرى لا تُنسى، تاريخٌ ليس ككل التواريخ، يختزل في طياته 132 عامًا من النضال المرير والألم العميق، في مواجهة مستعمر وحشي لم يعرف للإنسانية معنى.

إنه يوم يرفض أن يكون مجرد تاريخ عابر، بل يصر على أن يكفّر عن أسوأ لحظة في تاريخ الجزائر الحديث، سقوطها في يد المستعمر الفرنسي عام 1830 من “سيدي فرج”، ليتحول إلى أعظم حدث في القرن العشرين، إعلان استقلال الجزائر.

وما بين جويلية السقوط سنة 1830 وجويلية الاستقلال عام 1962، تمتد صفحات قاتمة من التاريخ، شهدت فيها الجزائر إبادة جماعية ممنهجة، وإعدامات جماعية، وتنكيلاً لا يصدّق، وسلباً للأرض والعرض، في مشاهد تشيب لها الولدان ويأبى التاريخ أن ينساها ولو بعد مليون سنة مما تعدون.

لقد ذاق الشعب الجزائري ويلات المستعمر الذي اغتصب أرضه بغير وجه حق، فقط لإشباع غرائزه الوحشية، بما لا تسعه صفحات التاريخ، ولا يبلغ مداه اتساع البحر.

ومع ذلك، رفض هذا الشعب الاستسلام أو أن يكون جزءًا من فرنسا، وسار على درب الذي قالوا إن “الجزائر ليست فرنسية ولن تكون فرنسية، ولا يمكن أن تكون فرنسية“.

ورغم وحشية الاستعمار الفرنسي، لم يبقَ الشعب مكتوف الأيدي، بل كان سدًا منيعًا منذ أول لحظة وطأت فيها أقدام المستعمر أرض الجزائر. فتصدى له الأمير عبد القادر، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، في معارك ضارية، وتلته معارك خالدة من لالة فاطمة نسومر، والمقراني، إلى الشيخ بوعمامة، وغيرهم من الرجال الذين صدقوا العهد، لتبقى الجزائر عربية إسلامية لا مسيحية كما أرادتها فرنسا.

ولأن النصر لا يُولد من لحظة، بل يُصنع عبر أجيال وحقب، فقد واصل الشعب ما بدأه أسلافه. ففي نوفمبر 1954، اندلعت ثورة التحرير الكبرى، على يد بن بولعيد وبن مهيدي وكل من تبعهم بولاء للجزائر، لتفجر أعظم ثورة في القرن العشرين، في وقت ظن المستعمر أن الجزائر أصبحت مقاطعة فرنسية بلا رجعة.

وبعد سبع سنوات ونصف من الصمود والتضحيات والمقاومة، ضد مستعمر تحالف مع أعظم قوى العالم ليبقي الجزائر تحت سلطته، وفي ثورة كان وقودها مليون ونصف مليون شهيد وملايين المصابين والمفقودين، جثا المستعمر أخيرًا معلنًا هزيمته، واعترف رسميًا يوم 3 جويلية 1962 باستقلال الجزائر، بعد أن فشل في إبقائها تحت قبضته، ليعلن الشعب الجزائري بكل فخر واعتزاز أن 5 جويلية هو يوم الاستقلال، يوم إعادة بعث أمة حرة أبية، دفعت أكثر من خمسة ملايين و630 ألف شهيد، خلال 132 سنة من الاستدمار.

شاركنا رأيك