في وقت بدأت فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية تشق طريقها نحو التهدئة بعد أشهر من التوتر، فجّرت السلطات القضائية الفرنسية أزمة جديدة، بوضع موظف دبلوماسي جزائري رهن الحبس المؤقت، في خطوة اعتبرتها الجزائر استفزازًا صارخًا يهدد مسار التقارب الثنائي.
وجاء ذلك في إطار تحقيق قضائي يتعلق بعملية اختطاف مزعومة للمدعو “أمير بوخرص” المعروف باسم “أمير ديزاد”، والتي تعود إلى سنة 2024، ما أعاد التوتر إلى واجهة العلاقات الثنائية.
وفي هذا السياق، أصدرت حركة البناء الوطني بيانًا اعتبرت فيه توقيف موظف قنصلي جزائري بفرنسا، من أغرب السلوكيات الدبلوماسية التي عرفتها العلاقة بين البلدين في فترات التوتر.
ورأت الحركة أن توقيت القرار وشكله ومضمونه يعكس حالة التردي التي بلغتها العلاقات الثنائية،رغم تطلع الشعبين إلى شراكة تقوم على الندية، والاحترام المتبادل، وصون المصالح المشتركة.
كما حذرت بوضوح من عواقب هذا القرار المتسرع، معتبرة أنه يهدد جهود التهدئة.
وأعربت عن أسفها العميق لما وصفته بالتدهور المتسارع في مستوى العلاقات.
وأكدت الحركة أن الطرف الفرنسي يقف وراء هذا التصعيد الذي قد ينسف كل المساعي القائمة لترميم العلاقات، خاصة في ظل تناقض واضح بين هذا السلوك والنوايا التي عبّر عنها رئيسا البلدين مؤخرًا.
وأضافت أن انتهاك الحصانة الدبلوماسية بهذا الشكل يعكس تنامي سلوكيات متطرفة، تهدف لهدم الأسس التي أرساها المجتمع الدولي لضمان التعاون والسلم والأمن العالمي.
واعتبرت أن اعتقال الموظف القنصلي في الطريق العام، رغم تمتعه بحصانة دبلوماسية، تم على خلفية ادعاءات واهية لا ترقى إلى مستوى الإقناع، ولا يمكن تبريرها بأي حال.
وأشارت إلى أن هذه الحادثة مرتبطة بادعاءات قديمة تخص شخصًا مطلوبًا للعدالة الجزائرية،وهو ما يُفقد الحادثة مشروعيتها، ويكشف عن خلفيات سياسية غير خفية.
ودعت الحركة مختلف الأحزاب والنخب السياسية والاجتماعية للتعبير القوي عن الرفض.
وحثت على التلاحم الوطني لمواجهة التحديات التي تزداد تعقيدًا يوما بعد يوم.
من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانًا أكدت فيه رفضها التام لقرار القضاء الفرنسي، سواء من حيث الشكل أو المضمون، خاصة أن المبررات ارتبطت بقضايا الإرهاب دون أدلة دامغة.
وطالبت الجزائر بالإفراج الفوري عن موظفها القنصلي، داعية إلى احترام حقوقه المرتبطة بمهامه، وفق ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية والثنائية، بما يضمن له الدفاع عن نفسه بعدالة.
وأكد البيان أن هذا التطور القضائي غير مسبوق ويأتي ضمن سياق محدد يهدف إلى عرقلة مسار إعادة بعث العلاقة الذي اتفق عليه الرئيسان مؤخرًا.
وأشارت الخارجية إلى أن استعمال هذا “الملف المشبوه” شعارًا جديدًا للهجوم ضد الجزائر، يتناقض تمامًا مع تساهل فرنسا الدائم مع طلبات التسليم المتعلقة بنفس الشخص.
وشددت الوزارة على أن هذا التصعيد غير المقبول ستكون له تبعات ثقيلة، مؤكدة أن الجزائر ستتحرك بمسؤولية وحزم لحماية موظفها القنصلي بكل الوسائل.