بمزيج آسر يجمع بين عبق التراث ونبض الحداثة، شقت فرقة “إزلان” طريقها بثبات في عالم الفن، حاملة على عاتقها طموح إيصال الموسيقى الشاوية إلى العالمية مع الحفاظ عليها كموروث ثقافي.
تأسست فرقة “إزلان”، في شهر رمضان من سنة 2025 بمدينة باتنة، وهي مجموعة موسيقية شبابية تنطلق من عمق الأوراس لتقدّم تجربة فنية فريدة تمزج بين التراث والحداثة.
“إزلان” باللغة الأمازيغية تعني “الأهازيج”، وهو الاسم الذي أراد أفراد الفرقة التعبير من خلاله على رسالتها القائمة على إحياء الذاكرة الصوتية الجماعية وتحديثها.
وتتكوّن الفرقة من 3 أفراد (سميح بروال وعادل العربي وزاكي أسد)، لكل منهم خلفية فنية غنيّة، إذ سبق لهم أن نشطوا ضمن فرق موسيقية مثل نيونزيك، ولاماصبا، وإذيسان.
ولعل هذا التنوع سمح بإضفاء طابع مميز على صوت الفرقة يمزج بين الموسيقى الشاوية الأصيلة والموسيقى الروحية، والفولك والبلوز، والروك، والأنماط الغربية الحديثة.
وأطلقت الفرقة بتاريخ 13 جوان الجاري، أول ألبوم لها بعنوان “ثيلي نغ ..إي” (ظلّنا)، ويضم 6 أغاني:
“الأم” – “الحب” – “الحلم” – “الطوفان” – “الأصدقاء” – “الصغير”.
كما سجلت الفرقة أعمالها بشكل رسمي لدى هيئة SACEM الفرنسية، لحماية حقوقها الفكرية والفنية دوليًا، ما يضعها ضمن المشاريع الموسيقية المعترف بها على المستوى الاحترافي.
تُعرّف فرقة “إزلان” نفسها على أنها ليست مجرد فرقة موسيقية، بل مشروع ثقافي يحمل صوت الهوية ووجدان الجيل الجديد، وأمل الفن الأصيل وصوت صادق ينطلق من الأوراس ليسائل الواقع بأنغام صادقة.
وقال سميح بروال، أحد أعضاء الفرقة، في حوار مع منصة “أوراس”، إن فكرة تأسيس “إزلان” وُلدت من شعور داخلي مشترك بالحاجة إلى تجديد مشروع موسيقي بشكل أكثر احترافية.
وعن اختيار اسم “إزلان”، أبرز محدثنا أنه يلخّص ببساطة ما تحمله الفرقة من رسالة فنية بمثابة أرشيف للوجدان الجماعي لما يحمله من تراث وأحداث ومشاعر جماعية انتقلت من جيل إلى جيل.
وتابع: “فمثلا المرأة الريفية قديما استخدمت الأهازيج لتدوين ألمها وفرحها دون أن تكتب حرفا واحدا وبقي يتناقل بين الأجيال ليصبح موروثا ثقافيا، هذا الاسم يرمز إلى تراث شفهي غني كانت فيه الأغنية وسيلة للتعبير عن الفرح والحزن والمقاومة والحكمة والتأمل”.
تمزج “إزلان” بين التراث الشاوي والموسيقى العالمية.
ويشير بروال، إلى أن هذه المعادلة تتطلب فهمًا عميقًا للجانبين التراثي والعالمي.
وتعتمد الفرقة على الجملة الموسيقية الشاوية بكل ما تحمله من خصوصية إيقاعية وميلوديّة، لتعيد تشكيلها أو تُرفِقها بآلات حديثة وأنماط موسيقية كالبلوز أو الروك والفولك مع احترام الأصل دون تجميده.
وفي وصف دقيق للعملية يقول سميح بروال، “نمنح الأصل أجنحة جديدة ليُحلق عالميًا دون أن يفقد جذوره”.
ويرى أعضاء فرقة “أزلان” أن الموسيقى الشاوية تراث يجب الحفاظ عليه ومادة قابلة للتجديد والتجريب في الوقت ذاته.
ويضيف بروال: “الموسيقى الشاوية تراث ثمين يجب الحفاظ عليه، لأنها تختزن الذاكرة الجماعية والهُوية الثقافية للمنطقة لكنها في الوقت نفسه مادة حيّة قابلة للتجريب، والتجديد، فالتمسك بالشكل القديم فقط قد يؤدي إلى عزله عن الأجيال الجديدة، بينما التجريب الواعي يمنحه حياة جديدة ويخلق جسورًا بين الماضي والمستقبل”.
تضم إزلان”، 3 موسيقيين هم:
ويطمح هؤلاء الفنانون، إلى توسيع أثر مشروع “إزلان” داخل الجزائر وخارجها، من خلال عروض حية، وشراكات فنية، ومشاركات في مهرجانات نوعية.
وأكد سميح بروال، أن الفرقة تعمل على برمجة جولات مستقبلية خارج الجزائر، سواء في الفضاء المغاربي أو الأوروبي، إيمانا منها بأن الموسيقى الحقيقية لا تحتاج إلى ترجمة.
وتابع: “لأن ما نحمله من صوت شاوي وإنساني، يمكنه أن يلامس وجدان المستمع مهما كانت لغته أو خلفيته”.