على خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي لمّح من خلالها إلى أن الدولة العثمانية كانت دولة استعمارية بشأن علاقاتها مع الجزائر، ردّت تركيا بطريقتها تكشف الوقائع التاريخية.
ونشرت وكالة الأناضول التركية، أمس الإثنين، قصة وصول العثمانيين إلى الجزائر، موضحة أن ماكرون حاول تغطية جرائم بلاده في حق الجزائريين من خلال تلفيق أوهام حول الدولة العثمانية.
وقالت الوكالة ذاتها في هذا الصدد، “إنه من العار أن يتخلص امرؤ من العار بعار أكثر فداحة”.
للعلم فإن الجزائر وتركيا دولتان صديقتان تجمعهما علاقات طيبة، ما دفع بالأناضول إلى اتهام ماكرون بمحاولة الإيقاع بين البلدين.
وفي لمحة تاريخية، ذكّرت الأناضول بأن الدولة العثمانية قد بذلت جهودا لتحرير الجزائر بعد أن احتلها الفرنسيون، “رغم الضعف الذي داهم الدولة”.
وتذكيرا بأهم المحطات فقد أشار الوكالة التركية، إلى أن الوجود العثماني في الجزائر الذي بدأ في الربع الأول من القرن السادس عشر للميلاد، لم يكن وجودًا تركيًا قوميا، إنما كان وجودًا عثمانيًا إسلاميًا.
وكان الأخوان بربروس يمثلان الوجود العثماني في الجزائر، كما خلّصوا قلعة بجاية من الاحتلال الإسباني بعد رسالة الاستغاثة التي تلقياها من أهالي القلعة، بالإضافة إلى تدخلها لإنقاذ عدد من المدن الأخرى على غرار جيجل وتلمسان.
وهنا أكدت الأناضول بوضوح، أن الوجود العثماني في الجزائر “جاء عقب استغاثات مقدمة من المدن الجزائرية لتخليصها من العدو الإسباني وحلفائه من الملوك الظالمين”.
ومن أبرز المحطات التاريخية التي ذكرها المصدر ذاته، دخول الجزائر بشكل رسمي تحت راية الدولة العثمانية بطلب من الجزائر، بعد مقتل عروج على يد الإسبان، وإرسال رسالة إلى السلطان سليم الأول سنة 1519.
وحسب المصدر ذاته، فقد “استمر دعم ورعاية الدولة العثمانية لدولة الجزائر بعد وفاة السلطان سليم، حيث خلفه على العرش ابنه سليمان القانوني، والذي أصبحت الجزائر في عهده قاعدة لصد العدوان الإسباني، وعُين خير الدين قائدا عاما للأسطول العثماني وعُهد بولاية الجزائر إلى ولده حسن أغا”.
وبعد وفاة السلطان سليمان القانوني، “بدأ الضعف التدريجي يدب في الدولة العثمانية شيئا فشيئا، ترتب عليه عجز الدولة على ربط ولاياتها – ومنها الجزائر – بالمركز، وأصبح ولاتها يستأثرون بشؤون الحكم فيها.”
ووفق الأناضول، فبالرغم من ضعف الدولة العثمانية، إلا أنها بذلت جهدا كبيرًا لمنع احتلال فرنسا للجزائر، ثم محاولة تحريرها بعد الاحتلال.
وحسب الوكالة التركية فإن الأزمة الدبلوماسية بين داي الجزائر حسين باشا، وبين القنصل الفرنسي، أدت إلى خلق ذريعة لاحتلال فرنسا للجزائر.
وقالت الأناضول في هذا الصدد، “إن أطماع فرنسا في الجزائر بدأت منذ زمن بعيد، حتى أن نابليون بونابرت قد سعى إليها”.
وحسب المصدر ذاته، فإن في أولى مفاوضات الدولة العثمانية مع الفرنسيين عقب الاحتلال، صرح السفير الفرنسي بأن الجزائر أصبح تحت التصرف الفرنسي بموجب أصول الحروب، الأمر الذي اعترضه المفوض العثماني بالرغم من أنه لم يكن مخولا بالرد الفوري، ورفض مزاعم السفير بأن الجزائر لها حكومة مستقلة بعيدا عن الدولة العثمانية.
ومن هناك، “استمرت الجهود الدبلوماسية العثمانية لاسترداد الجزائر، خصوصا بعد أن أرسل أهل الجزائر رسالة استغاثة للباب العالي ضد الظلم الفرنسي، إلا أن هذه المحاولات قد باءت جميعها بالفشل بسبب تشابك المصالح الأوروبية”.
ووفق المصدر السابق ذكره، فإن حالة الضعف التي كانت عليها الدولة لم تكن لتسمح لها بالقيام بعمل عسكري ضد الاحتلال الفرنسي، وعلى الرغم من ذلك حركت الدولة العثمانية سفنها إلى طرابلس الغرب لإلحاق هذه الولاية بالمركز بعد أن داهمتها الخلافات والفتن، ومن ناحية أخرى كانت تهدف إلى التواجد العسكري قريبا من الجزائر تحسبا للتفكير في عمل عسكري، وهو الأمر الذي أصاب فرنسا بالقلق بالفعل.