الدبلوماسية الجزائرية تُربك حسابات الداخل الفرنسي.. هل استسلمت فرنسا؟ مريم بوطرة

الدبلوماسية الجزائرية تُربك حسابات الداخل الفرنسي.. هل استسلمت فرنسا؟

  • انسخ الرابط المختص

تشهد العلاقات الفرنسية الجزائرية تحولًا لافتًا بعد أشهر من التوتر السياسي والدبلوماسي.

ومع إعلان باريس”عودة الأمور إلى طبيعتها”، طفت على السطح خلافات داخلية حادة داخل المشهد الفرنسي.

باريس تغيّر لهجتها

ما إن صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو بأن العلاقات بين بلاده والجزائر عادت إلى طبيعتها، حتى انقسم المشهد السياسي في فرنسا.

وبينما رحّب البعض بالمصالحة، شنّ اليمين المتطرف هجومًا عنيفًا على ما وصفه بـ”الرضوخ للإملاءات الجزائرية”.

وصرّح لوران فوكيي، رئيس حزب “الجمهوريين” لإذاعة “سود راديو” تعليقًا على زيارة وزير الخارجية الفرنسي، قائلاً:

“أعرب عن أسفي، لأن عودة العلاقات دون تحقيق الشروط التي وضعها اليمين المتطرف في الأشهر الأخيرة هي إهانة وذل.”

 

وأضاف: “فرنسا وافقت عمليًا على الاستسلام للجزائر.”

وأكد فوكيي أن عودة العلاقات دون تحقق هذه الشروط يمثل إذعانًا من فرنسا، مشددًا على أن باريس قد فقدت الكثير من هيبتها في هذا السياق.

وأضاف: “لدي شروط بسيط للغاية: قبل أي استئناف للحوار مع الجزائر، يجب على الحكومة الجزائرية الالتزام دون قيد أو شرط باستئناف جميع قواتها المؤهلة للعمل في الخارج.

وإلا فإن فرنسا لن تحظى بالاحترام.”

 

روتايو خارج الحسابات

وفي الوقت الذي روّج فيه وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، لخيار “القبضة الحديدية” في إدارة الأزمة مع الجزائر، انتهى به المطاف خارج الملف.

وكان قد صرح فوكيي سابقا قائلا: “لقد استمتعنا لعدة أسابيع بالتظاهر بأننا سنقيم عرضًا للقوة مع الجزائر”.

وكان روتايو قد توعد بالاستقالة في حال لم يُعتمد هذا الخيار، غير أن الملف سُحب منه دون أن ينفذ وعيده.

وهو ما دفع خصومه للتشكيك في نواياه، خاصة بعد لقاء جمعه بالرئيس ماكرون، تبعه تراجع واضح في حدة الطرح الرسمي.

وصرّح لاحقًا عبر قناة “فرانس 2”: “أنا لا زلت حاضرًا في الملف”، في محاولة لإثبات استمرار دوره رغم إبعاده فعليًا.

وسخرت صحيفة “لوباريزيان” من المشهد، وكتبت: “لن يتوجه برونو روتايو، بل رئيس الدبلوماسية الفرنسية جان نويل بارو إلى الجزائر”.

وأضافت: “ومن المقرر أيضًا أن يقوم وزير العدل جيرالد دارمانان بزيارة لإعادة إطلاق التعاون القضائي.. ولكن ليس برونو روتايو”.

الجزائر تفرض توازنًا جديدًا

من جانبه، أكد وزير الخارجية جان-نويل بارو أن بلاده تعيد تفعيل كل آليات التعاون مع الجزائر في مختلف المجالات.

ونقلًا عن وكالة رويترز، قال: “نحن نعيد الأمور إلى طبيعتها، وكما قال الرئيس تبون: الستار قد أُسدل على الخلافات”.

وأعلن بارو عن زيارة مرتقبة لروتايو إلى الجزائر من أجل استئناف التعاون القضائي، في خطوة تُقرأ على أنها محاولة ترميم رمزية لصورته.

لكن المراقبين يرون أن الملف انتقل إلى أيدٍ أكثر مرونة، ما يعكس تغير التوازنات داخل الحكومة الفرنسية.

الجدير بالذكر أن الجزائر تمسكت بمواقفها الثابتة، مؤكدة على عدم المساس بسيادتها الوطنية.

وبات واضحًا أن باريس باتت تتعامل مع الجزائر كطرف لا يمكن تجاوزه، سواء في ملفات الطاقة أو الهجرة أو التعاون الأمني.

شاركنا رأيك