قال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم الجمعة، إنه “لا مناص من المعالجة المسؤولة المنصفة والنزيهة، لملف الذاكرة والتاريخ في أجواء المصارحة والثقة”.
وفي رسالة له، بمناسبة إحياء ذكرى عيد النصر، جدد رئيس الجمهورية التأكيد على أن هذه المسألة ستظل في صلب اهتماماته.
وأكد الرئيس تبون أنه سيواصل “بدون هوادة، وبلا تفريط، استكمال مساعيه بالإصرار على حق البلاد في استرجاع الأرشيف، واستجلاء مصير المفقودين أثناء حرب التحرير المجيدة، وتعويض ضحايا التجارب النووية وغيرها من القضايا المتعلقة بهذا الملف”.
وعرج المتحدث على ما يحدث في العالم من متغيرات إقليمية ودولية حاسمة، واصفا إياها بـ”الظروف المعقدة”.
واعتبر أن الجزائر “مدركة للتحولات العميقة على الصعيد الإقليمي والدولي، وتتجه في كنف الأمن للعمل على تهيئة الأسباب التي تحفظ للجزائر مكانتها وموقعها في سياق عالمي تطبعه التقلبات والاضطرابات، وفي عالم لن يكون في المستقبل، بنفس التأثيرات التي تحكمت منذ عقود في العلاقات الدولية، ولا بنفس مرتكزات التوازنات السياسية والاقتصادية العالمية”.
وأكد الرئيس تطلعه في خضم ذلك إلى “بناء جزائر صاعدة، يستوجب إعادة الاعتبار لقيمة الجهد والعمل، والحرص على تعزيز أمننا القومي بتعدد جوانبه وفي كل أبعاده، من العوارض والطوارئ المحتملة، والسهر على وحدة الصف، وتكاتف الجهود”.
وشدد على ضرورة “تعميق الشعور بالواجب الوطني، والاضطلاع بالمسؤوليات على أتم وجه في مختلف القطاعات وفي كل المواقع تجاه الأمة والوطن”.
وجاء في الرسالة: “نحتفل غدا بمرور 60 سنة على يوم وطني تاريخي خلدته تضحيات الشعب الجزائري وقوافل الشهداء الأبرار رمزا للنصر، وللخلاص من هيمنة الاستعمار البغيض”.
وأضاف الرئيس: “لقد كان إعلان وقف إطلاق النار، بعد مفاوضات إيفيان، نصرا وإيذانا بدحر ظلم وظلام المعتدين على أرضنا الطاهرة الذين راوهم وهم مسخ هويتنا، وطمس حضارتِنا وثقافتِنا وتراثِنا، فخابوا أمام إرادة شعب حر ومصمم على البقاء حرا أصيلا”.
وتابع: ”إن هذه اللحظة التاريخية في مسيرة الأمة المظفرة ما كانت لتكون بذلك الصدى المدوي العظيم الممتد إلى أصقاع الدنيا لو لم تكن تتويجا ساطعا، لثورة ملحمية مجيدة. ومحصلة حتمية، لتضحيات سخية مريرة توالت منذ أن وطأت أقدام المستعمر أديم وطننا المفدى، عبر مقاومات شعبية بطولية، ترسخت في سجلات الذاكرة والتاريخ، لتستلهم منها الأجيال اليوم وغدا الوفاء للشهداء، وتبعث في نفوس شبابنا الهمة والنخوة، وإرادة البناء والنماء”.
وواصل: “قد أشرقت في سماء الجزائر المجاهدة في ذلك اليوم تباشير النصر، واستمد منها الشعب الجزائري القوة والعزيمة، لمجابهة آثار دمار واسِع مهول، وخراب شامل فظيع، يشهد على جرائم الاستعمار البشعة، التي لن يطالها النسيان. ولن تسقط بالتقادم”.
كما أكد رئيس الجمهورية، أن الاحتفاء بهذه الـمناسبةِ التاريخية المتجددة وغيرها من أعيادنا الوطنية، “يعيد إلى أذهاننا تضحيات الشجعان الأبطال الذين تدافعوا إلى جبهات القتال، في الجبال والأحراش والأودية، فعانوا وتحملوا – بعزة ومَجد – مشاق طريق الحرية والكرامة”.
ولفت إلى أن “للجزائريين والجزائريات صلة الأبناء والأحفاد بأولئك الأمجاد الأفذاذ، وبالإرث التاريخي العظيم للجزائر، فإنهم أحرزوا بذلك أساسا صلبا، تقوم عليه اليوم الدولة الوطنية المستقلة، التي صمدت وانتصرت بمرجعية نوفمبر، أمام الهزات والمحن”.