غاب موضوع حضور المراقبين الدوليين من عدمه في الانتخابات الرئاسية عن المشهد السياسي، الأمر الذي يكشف عن تغيير في موقع الجزائر دوليا وأيضا عن التطور الحاصل فيما تعلق بالممارسة الديمقراطية، أم أن التقارير الدولية “السلبية” الصادرة عن عديد المنظمات والهيئات الدولية في حق الجزائر كانت تحت الطلب من أجل الضغط ليس إلا؟.
وتنطلق غدا 7 سبتمبر، عملية الاقتراع لاختيار رئيس للجمهورية في ثاني رئاسيات بعد حراك فبراير 2019، دون حضور المراقبين الدوليين الذين يغيبون عن الجزائر للمرة الثانية بعد انتخابات الرئاسة في 12 ديسمبر 2019، أين تحدث الناطق باسم السلطة المستقلة للانتخابات آنذاك، علي ذراع، أن “الجزائر لها سلطة مستقلة تقوم بدورها كاملا ولا تنتظر سلطة أخرى أو مراقبين آخرين يحلون محلها هنا”.
وقبل ذلك، ومنذ الانتخابات التشريعية لـ2012، دأبت الجزائر على دعوة مراقبين دوليين للوقوف على مجريات العملية الانتخابية، سواء في سباق الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية ضمن ما تسميها ضمانات إضافية حول شفافية الانتخابات، حيث توجه الدعوات إلى الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل إرسال بعثات المراقبين الدوليين بناء على مذكرات تفاهم، توقعها هذه المنظمات مع السلطات الجزائرية تحدد مهامهم وطريقة عملهم في متابعة العملية الانتخابية، حيث تنشر هذه البعثات في نهاية مهمتها تقارير حول ظروف سير العملية.
وتعليقا على غياب المراقبين الدوليين عن الانتخابات الرئاسية لـ2024، يقول المحلل السياسي أبو الفضل بهلولي، في تصريح لـ”أوراس”، إن حضور المراقبين أو الملاحظين ليس معيارا على جودة العملية الانتخابية وليس شرطا أساسيا لنجاح العملية الانتخابية، موضحا أن الهياكل الداخلية للدولة هي أكبر ضمان للعملية الانتخابية، وأشار إلى أن صانع القرار في الجزائر عازم على الجودة الديمقراطية والقضاء على رداءة العملية الانتخابية بهدف تقوية الجبهة الداخلية.
وتابع بهلولي، “لاحظنا بعض المراقبين الدوليين لا يلتزمون بالحياد التام وبالموضوعية”، مبرزا أن حضور المراقبين يخص الدول التي تشهد هشاشة أو بداية الديمقراطية، وهو غير متوفر في موضوع الحال، كما أن طلب حضور المراقبين الدوليين هو أمر سيادي يخضع للسلطة التقديرية للدولة، وأضاف أنه توفرت ضمانات كافية للوصول إلى انتخابات ذات جودة ديمقراطية.
وأشار المتحدث إلى أن مجلس السلم والأمن الإفريقي أقر آلية لمراقبة الجودة الديمقراطية، وهو الذي شدد بأن الانتخابات على العموم في إفريقيا في تحسن، باستثناء بعض الدول التي وقعت فيها أحداث، مبرزا المعايير التي من خلالها تقيم العملية الانتخابية والجودة الديمقراطية، وقال إن تقييم الانتخابات في الجزائر ينطلق من النسبة المشاركة، والتحدي الكبير في الجزائر هو القضاء على اللامبالاة السياسية والعزوف، وهذا تنفيذا الأجندة أفريقية 2063.
أما أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية مومن عوير، فقد أكد في حديث مقتضب لـ”أوراس”، أن الجزائر الحالية لا تعيش اي أزمة سياسية، والوضع الأمني مستقر منذ سنوات طويلة، والحملة الانتخابية جرت في ظروف هادئة بدون أي مشاكل أو تجاذبات سياسية، بالإضافة إلى تشكيل السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات، كلها معطيات ورسالة للخارج تؤكد عدم تدخل السلطة السياسية في تنظيم الانتخابات، والتالي لا داعي لحضور مراقبين دوليين.