فيصل شيباني
يعيش المشهد الثقافي الجزائري حالة شبه تصحر، نظرا لغياب العديد من الفعاليات الثقافية وتأجيل أهم المهرجانات السينمائية والمسرحية، ورغم أن الثقافة مهمة جدا خاصة في المرحلة التي تمر بها الجزائر، ينظر القائمون على الثقافة في البلاد اليها من برج عاجي، وكأنها من الرفاهية، فأكبر ضحايا سياسة التقشف التي إنتهجت بعد تراجع أسعار النفط، كانت الثقافة التي تم تقليص ميزانيتها بمباركة من الوزير الأسبق عز الدين ميهوبي، الذي كان يتباهى بتقليص ميزانيات المهرجانات وكأنه إنجاز يحسب له، من هنا ندرك أن أكبر عدو للثقافة هم روادها.
مر شهر جويلية دون تنظيم مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، إذ تم تغيير رئيس المهرجان ليحل الاعلامي أحمد بن صبان مكان الإعلامي والشاعر إبراهيم صديقي ، ولكن المهرجان لم ينظم في تاريخه المعتاد، والسبب التخبط على رأس وزارة الثقافة، لترحل في الأخير الوزيرة المرفوضة شعبيا مريم مرداسي بعد حادثة حفل سولكينغ الذي راح ضحيته 5 شباب بسبب سوء التنظيم ، وهو الحادث الذي أدخل مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، سامي بن شيخ المؤقت في سجن الحراش، ومر شهر أفريل وهو التاريخ الذي حدده سعيد ولد خليفة، رئيس مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، ولكن لا شيء تحقق على أرض الواقع، وبقيت عنابة راكدة ثقافيا حتى مع مجيء الناقد جمال الدين حازورلي على رأس المهرجان، ولكن الأمر أعمق من هذا لأن القرار ليس في يد رؤساء المهرجانات بما أنهم مرهونون بقرارات الوزارة المتقشفة، التي إضح أن آخر همها هو المهرجانات، في وقت تبقى النقطة الوحيدة المضيئة هي تأكد إجراء مهرجان الفيلم الملتزم شهر نوفمبر الداخل، وهو الذي يشكل موعدا سينمائيا مهما، نظرا لقيمة الأفلام التي ينتقيها القائمون على هذا الحدث السينمائي، رغم الصعوبات المادية الكبيرة التي يعاني منها ويجعل القائمين عليها يطرقون كل الأبواب من أجل تحصيل بعض الأموال من الشركات الخاصة.
المأساة لا تقتصر على السينما فقط بل تتعداها إلى المسرح، أب الفنون، الذي أصبح ضحية التسيير الثقافي الفاشل منذ عهد الوزير الأسبق عز الدين ميهوبي، الذي قلص من ميزانيات المهرجانات المسرحية، وكاد يقضي عليها، ولأن المصائب لا تأتي فرادى فقد كشفت محافظة المهرجان الدولي للمسرح ببجاية، عن تأجيل المهرجان وتحديد تاريخ بداية السنة الجديدة لعودة هذه التظاهرة المهمة التي اعتاد عليها عشاق المسرح في مدينة بجاية، وفي نفس الوقت هناك بوادر تشير الى إن التقشف سيصل الى المسرح المحترف واحتمالية تأجيله بحجة تنظيم الانتخابات الرئاسية، فيما أبقت الوزارة على صالون الجزائر الدولي للكتاب الذي سينتظم من 30 أكتوبر إلى 9 نوفمبر القادم؛ وهو ما من شأنه التغطية على حالة الركود الثقافي الذي تمر به البلاد، وحسب بعض المصادر فإن صالون الكتاب كذلك تم تقليص ميزانيته مرة أخرى هذه السنة، ويعاني صعوبات مالية كبيرة أرغمته على التعامل مع هذا المستجد والتخلي عن جزء كبير من برنامجه خاصة فيما يتعلق بالضيوف من الخارج، واستقطاب الأسماء الكبيرة في عالم الأدب.
الغريب في الأمر هو تحجج وزارة الثقافة بالظرف السياسي الصعب للبلاد، والمقبلة على انتخابات رئاسية مهمة، ولكن السؤال المطروح لماذا لم يتوقف مهرجان قرطاج السينمائي الدولي في تونس؟ وهي التي أجرت انتخابات رئاسية بدورين تخللهما انتخابات تشريعية؟ فمنذ متى كانت الانتخابات عائقا أمام الفعل الثقافي؟
منصة رقمية جزائرية، تُقدم الأخبار والتقارير في قوالب إبداعية وتحاول الوصول إلى الخبر وتحيط به من كل الجوانب، شعارها الخبر قمّة والرأي قيمة.