يرى كاتب الدولة السابق للإنتاج الثقافي، سليم دادة، في تصريح لموقع أوراس، أن تسييس ملف أغنية “الراي” واستغلالها إعلاميا وشعبويا للتفرقة بين الأمم والدول، هي مظاهر سلبية يجب التصدي لها وعدم الوقوع في فخها.
واعتبر المايسترو سليم دادة أن الثقافة يجب أن تبني جسورا لا أسوارا، ومشيرا إلى أن الشوفينية أينما كانت إنما هي غلو في الوطنية لا يخدم لا الوطن ولا ثقافته ولا مواطنيه.
وبخصوص أصول أغنية الراي، يقول دادة: “أصول الراي تعود إلى الغناء البدوي للغرب الجزائري الذي يعتمد على الشعر الملحون والصوت البشري وآلتي الڤصبة والڤلال، كما يستمد إيقاعاته وألحانه من أغاني تعود إلى نهاية القرن 19 وبداية القرن 20.”
ويضيف سليم دادة “الراي نوع موسيقي جزائري تقليدي ظهر في بداية القرن العشرين في مدن الغرب في صورة وهران وسيدي بلعباس وعين تموشنت، وكان يؤديه “الشيخات” و”الشيوخ”، وتم تحديثه كموسيقى شبابية بآلات عصرية غربية في السبعينيات قبل أن يصبح موسيقى عالمية في التسعينيات.”
الراي من الأسواق والملاهي إلى العالمية
وعن تطور موسيقى الراي وموضوعاتها، يرى كاتب الدولة السابق للإنتاج الثقافي أن هذا النوع الموسيقى تطور من شعر ملحون مشبع بالحكمة والأسى وأحاديث العشق والغرام الذي يُغنى في المقاهي والأسواق، إلى خطاب صريح قد يكون حتى ماجن ومستفز يغنى في الحانات والبيوت المغلقة، إلى موسيقى حفلات الأكثر شعبية وإثارة للجدل في شمال إفريقيا اليوم.
ويضيف الموسيقار سليم دادة “هذا التطور لم يكن يخلو من خطاب الأخلقة والصراع السياسي أو الديني، حيث كان الراي ممنوعا من البث الإعلامي الرسمي الجزائري حتى الثمانينيات. الانطلاقة العالمية للراي مع نهاية الثمانيات كانت محل دعم رسمي والنجاح الذي عرفه الراي في فرنسا جاء موافقا لأسئلة الهوية والانتماء التي كانت تعرفها أحياء الضواحي الباريسية العاجة بأبناء المهاجرين الجزائريين والمغاربيين.”
ويضيف دادة أنه اليوم يُنظر إلى موسيقى الراي على أنها رمز للتحرر والشباب، بل ويتصدر حتى قائمة المكونات الثقافية للهوية الجزائرية المعاصرة.
الراي مكون للثقافة والهوية
يعتقد سليم دادة أنه من واجب الدولة أن تساهم بالتعريف بمكوناتها الثقافية والتعزيز من إشعاعها الثقافي، وعملية تصنيف الجزائري الراي في لائحة اليونيسكو العالمية للتراث اللامادي للإنسانية هو أمر طبيعي جدا.
ويضيف “الشيء نفسه تم القيام به في ملفات عديدة أخرى هي اليوم مصنفة عالميا: كموسيقى الأهليل بتيميمون، وزيارة سبوع ڤورارة، ومظاهر ركب سيدي الشيخ، واحتفالات السبيبة بواحات جانت، ومراسيم العرس والثوب النسوي في تلمسان، وآلة الإمزاد للطوارق مع المالي والنيجر، وأخيرا، ممارسات كيالين الماء في فڤارات التوات وتيكيدلت.”
ويستطرد قائلا “الملفات هذه تشرف عليها مراكز بحث علمية تحت وصاية وزارة الثقافة ويشتغل عليها أساتذة وباحثين أكفاء بالتعاون مع الممارسين المدنيين وكذا الممثليات الرسمية المحلية لهذه المظاهر الثقافية.”