اعتبر الباحث والكاتب ناصر جابي أن غياب الدبلوماسية الجزائرية خلال 20 سنة الأخيرة، تسبب في جزء كبير منها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي سيطر لمدة عقدين كاملين، على مقاليد السلطة، فرض خلالها دبلوماسية عرجاء على البلد، حتى عندما تعلق الأمر بملفات إقليمية، تمس أمن واستقرار الجزائر مباشرة، كما هو الحال مع أزمات المحيط المغاربي والافريقي القريب، في ليبيا ودول الساحل.
ويوضح ناصر جابي، أن هذا الوضع ا يمكن تفسيره الا بالعُقد من كل نوع، التي كان كانت حاضرة عند بوتفليقة الرئيس ووزير الخارجية الأسبق فترة حكم بومدين، الذي غادر السلطة وهو مقتنع بأن الجزائر لا يمكن أن تنجب وزيرا للخارجية مثله، فكان أن عادى وتحرش بكل وزير خارجية يعينه بنفسه، يُشوش على عمله ولا يتركه يتصرف بحرية بألف طريقة وطريقة.
ويضيف جابي: “وصل الأمر ببوتفليقة إلى حد تعيين أكثر من شخص واحد على مستوى وزارة الخارجية، ناهيك من تعيين طاقم كامل برئاسة الجمهورية، من الموالين، للتشويش على عمل الوزير والوزارة، التي كانت وما زالت تزخر بالكثير من الكفاءات تم تعطيلها بشتى الطرق، كما تعبر عنها حالة لعمامرة نفسه الذي اكتسب تجربة دولية عبر العالم، في أكثر من مؤسسة إقليمية ودولية، سمحت للرجل بكسب علاقات شخصية مباشرة لم تكن دائما حاضرة لدى إطارات الخارجية، نتيجة هذه السياسة الرسمية التي طبقها بوتفليقة لمدة طويلة، وهو على رأس السلطة، سياسة عانى منها وزير الخارجية لعمامرة، العائد لوزارة الخارجية هذه الأيام.
ويقول الباحث الجزائري أن بوتفليقة عين للعمامرة وزير خارجية منافسا في الوقت نفسه على رأس الخارجية عام 2017، لتعيش الدبلوماسية الجزائرية حالة شاذة لم يعرفها أي بلد في العالم.
وبخصوص قدرة رممان لعمامرة على إعادة مكانة الدبلوماسية الجزائرية وإصلاح ما أفسده بوتفليقة، يرى ناصر جابي في مقاله على جريدة “القدس العربي”، بأنه من الصعب التعويل على فرد واحد عندما يتعلق الأمر بالإصلاح، مهما كانت صفات وقدرات الشخص، رغم أن الحالة الجزائرية تبين أن الفرد مهم ويمكن أن يلعب أدوار محددة في الاتجاه الإيجابي، حتى على حساب المؤسسة، إذا كان مسنودا بإجماع شعبي ومؤسساتي، في هذا الظرف الصعب الذي تعيشه الجزائر داخل محيطها الإقليمي المضطرب، يمكن أن تنتقل فيه من الحالة الدفاعية إلى الهجومية، بعد التجديد الضروري في العقيدة الدبلوماسية، بالنسبة لنظام سياسي في حاجة لاستعادة المبادرة الدبلوماسية إقليميا ودوليا، من دون التنكر لقيمه وقناعات شعبه بالإجماع الحاصل حولها.
ويؤكد الأستاذ بجامعة الجزائر، أن العمل يمكن الانطلاق فيه من العلاقات المغاربية نفسها بالذهاب إلى إيجاد الحلول الذكية والمستقبلية لمسألة العلاقات مع المغرب، التي يمكن أن تعيش تطورات إيجابية حتى مع استمرار قضية الصحراء الغربية مطروحة على المستوى الأممي، كما كان حاصلا خلال فترة حكم الرئيس بن جديد، حتى لو تطلب الأمر اتخاذ إجراءات جريئة في اتجاه العلاقات مع المغرب، على غرار تنظيم زيارة إلى هذا البلد الشقيق.
ويعتقد ناصر جابي أن رمطان لعمامرة يكون قد أفسد على الدبلوماسية المغربية حساباتها، هي التي تعودت على غياب الجزائر لمدة طويلة.