في سنة 2020، اتخذ الاتحاد الإفريقي لكرة القدم مجموعة من القرارات الجديدة الصارمة تتعلق بتأهيل الملاعب التي تستقبل فيها المنتخبات الإفريقية مبارياتها، وذلك بتوصية مباشرة من طرف الاتحاد الدولي للعبة “فيفا”.
“كاف” أعلنت بحزم وقتها نهاية زمن العبث من لعب في ميادين سيئة وفي ظروف كارثية، دون وجود أبسط الأساسيات في ملعب كرة قدم، حيث اشترطت على كل الاتحاديات توفير شروط محددة، قبل أن تُمنح هذه البلدان الضوء الأخضر للاستقبال في ملاعبها، وهي الشروط التي تقف على ضمان وجودها لجنة مراقبة خاصة.
والهدف من كل ذلك هو تطوير الكرة الإفريقية على المدى القريب أو المدى المتوسط على الأقل، وبالفعل انطلق العمل بتلك الإجراءات في تصفيات كأس العالم 2022، لكن ماذا حدث على أرض الواقع بعد مرور 5 سنوات تقريبا منذ اتخاذ تلك القرارات؟
للإجابة على السؤال المطروح آنفا، يجب أن نعود إلى أرض الواقع والوقوف على النتائج، وسنجد بأن الواقع مرير بالفعل ولا يعكس أبدا الخطاب المُروج له عند اتخاذ تلك القرارات.
وفي نهاية المطاف أصبحت تقريبا نصف منتخبات إفريقيا “متشردة” بلا مأوى وتستقبل مبارياتها بعيدا عن أراضيها وجماهيرها، في هذا التقرير تكشف منصة “أوراس” بلغة الأرقام هذا الواقع المرير.
ففي سباق التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم التي جرت خلال الأشهر القليلة الماضية، استقبل 24 منتخبا خارج بلده من مجموع 53 منتخبا يُشارك في التصفيات، وإذا حولناها إلى نسبة مئوية، فنسبة المنتخبات “المتشردة” في إفريقيا تبلغ 45%.
وإذا استثنينا كينيا التي نجحت مؤخرا في تأهيل ملعب عاصمتها نيروبي، بجانب منتخب الكونغو برازافيل الذي استبعد من التصفيات وكان قبل ذلك قد استقبل خارج دياره في بعض المناسبات، سيتبقى 22 منتخبا لا يملكون حاليا ملاعب مؤهلة.
وحتى نضع القارئ في الصورة أكثر، نذكر المنتخبات التي لا تملك ملاعب مؤهلة في الوقت الراهن وهي منتخبات: بوركينافاسو، إثيوبيا، سيراليون، جيبوتي، السودان، ليسوتو، البنين، زيمبابوي، إسواتيني، النيجر، بوروندي، غامبيا، السيشل، موزمبيق، غينيا، الصومال، ناميبيا، ساو تومي وبرينسيب، جزر القمر، مدغشقر، جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد.
وبين هذه المنتخبات التي لا تملك مأوى حاليا، من يستقبل على بُعد آلاف الكيلومترات عن بلده، على غرار منتخب مدغشقر، فهذا البلد يقع في أقصى جنوب القارة السمراء، لكنه استقبل منافسيه في تصفيات كأس العالم في المغرب، أقصى الشمال وعلى بُعد 6 آلاف كلم.
في الوقت الذي تعمل فيه بعض البلدان على إيجاد حلول من أجل تأهيل ملعب تستقبل فيه، لا تأبه بلدان أخرى بالموضوع تماما ولا تكلف نفسها أي عناء لأجل حلول.
وذلك لأن مسؤولي هذه البلدان أعجبهم الوضع الراهن ولا يُريدون تفويت فرصة قضاء أيام جميلة والخلود للراحة في بلدان سياحية تتكفل باستقبال منتخباتهم، ضاربين عرض الحائط مصالح منتخباتهم، بعدما تأثرت نتائج هذه المنتخبات بفعل اللعب بعيدا عن الأرض والجمهور.
يستمر الوضع على ما هو عليه وربما يزداد سوءً مع مرور الوقت، دون تحرك الجهات الوصية وعلى رأسها “كاف” و”فيفا”.
وبعد مرور 5 سنوات، لا يوجد لا حسيب ولا رقيب على الأفعال التي تُسيء بدرجة رئيسية للكرة الإفريقية وتُصدر عنها صورة سوداوية في العالم.
حيث أصبحنا نُشاهد تصفيات على شكل دورات ودية أو بطولات مغلقة، ففي المجموعة التاسعة لتصفيات كأس العالم، التي تضم غانا ومالي وجزر القمر ومدغشقر وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد، تستقبل 4 منتخبات من أصل 6، مبارياتها في المغرب، وبالتحديد المجموعة التاسعة
وتغيب مبادئ المنافسة العادلة التي تقتضيها أخلاقيات كرة القدم، عن المنافسات التصفوية في إفريقيا منذ سنوات، دون أن يتدخل أحد لإيقاف هذه المهزلة.
بكل تأكيد يوجد مستفيد من كل ما يحدث، فأن تلعب 4 مرات فقط خارج أرضك من أصل 12 سفرية مفترضة، مع استقبال 8 من المستضيفين المفترضين على أرضك، ذلك يكشف كل شيء، دون الحاجة للبحث في التفاصيل.
بينما أثبت المنتخب الجزائري عدم حاجته لنصيب من “الكعكة الفاسدة”، فهو واحد من أكثر المنتخبات التي لعبت مبارياتها بشكل طبيعي على ملاعب البلدان المستضيفة منذ بداية العمل بتلك الإجراءات.
وإذا عدنا إلى المباريات الأخيرة، فالمنتخب الجزائري لعب آخر 6 سفريات له في البلدان صاحبة الأرض وليس في أراضي محايدة، وهو المنتخب الإفريقي الوحيد الذي حدث معه ذلك.
في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه، يبقى السؤال المطروح حاليا، إلى متى يدوم هذا السكوت على العبث الذي ينخر جسد الكرة الإفريقية؟ ومتى تعود للكرة الإفريقية هيبتها على أرضها؟
فمن غير المعقول الاستمرار في السماح للمنتخبات بالاستقبال خارج قواعدها، دون تكليف نفسها العناء لأجل تأهيل ملاعب في بلدانها.
وبالتأكيد يجب إيجاد حلول لهذا المشكل الذي جعل صورة الكرة الإفريقية تتشوه بشكل كبير، في وقت تطورت فيه الاتحادات القارية الأخرى بشكل متسارع.
دعم مطلق ومقترحات لإثرائه.. مشروع قانون التعبئة العامة تحت مجهر البرلمان
في وداعه للجزائر.. سفير الفاتيكان يثمن العلاقات الثنائية ويؤكد آفاقها الواعدة
الكاتب بوعلام صنصال أمام المحكمة اليوم الثلاثاء
مراد يشدد على ضرورة تحسين معيشة المواطنين وفك العزلة عن المناطق النائية
بأكثر من 3 مليارات دولار.. البنك الإسلامي يدعم مشاريع استراتيجية في الجزائر