بين عجز المستشفيات وغلاء العيادات.. دعوات لمراجعة الأسعار والتعويضات الصحية إيمان مراح

بين عجز المستشفيات وغلاء العيادات.. دعوات لمراجعة الأسعار والتعويضات الصحية

  • انسخ الرابط المختص

تزامنًا مع القرارات التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا لتسقيف أسعار العديد من المواد واسعة الاستهلاك في السوق، سرعان ما توسع الحديث ليشمل قطاعات أخرى تمسّ يوميات المواطن، على رأسها القطاع الصحي.

وبرزت مطالب تدعو إلى ضبط تسعيرة الكشوفات الطبية والتحاليل والأشعة في العيادات والمخابر الخاصة، في ظل ارتفاع تكاليف العلاج وضعف تعويضات الضمان الاجتماعي، بينما تواصل الدولة العمل بتعويضات تعود إلى عهد مضى، منذ 1989.

فهل حان وقت مراجعة شاملة لأسعار الفحوصات والتحاليل الطبية؟ أم يبقى المواطن هو من يدفع الثمن في ظل منظومة مجمدة ومساعدات اجتماعية “رمزية”؟

هل يمكن تسقيف الأسعار؟

كشف رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي، أنه لا يوجد قانون يضبط أسعار الفحوصات الطبية في الجزائر، لأنها مهن حرة.

وأوضح زبدي في تصريح لأوارس، أنه من الصعب توحيد هذه الأسعار، مبرزا أنّ المنظومة الطبية ومنظومة التعويض مطالبة بالتكيف مع الواقع المعاش ومع ما يدفعه المواطن لأجل هذه التكاليف التي تتعدى قدرته المالية.

تعويضات لا تواكب الواقع

يرى مصطفى زبدي، أنّ تعويضات الضمان الاجتماعي ضئيلة جدا مع ما يدفعه المواطن قائلا ” تكاد تكون فتاتا لما يتم صرفه لأجل التداوي”.

ولفت المتحدّث ذاته، إلى أنّ “الضمان الاجتماعي مازال يحتسب تعويض كشف الطبيب العام بـ 50 دج، والطبيب المختص بـ 100 دج فقط”، وهي مبالغ باتت لا تعكس بأي شكل التكاليف الحقيقية للعلاج في القطاع الخاص، رغم أن اقتطاعات اشتراكات الضمان الاجتماعي تتم بانتظام من أجورهم.

في هذا السياق، شدّد رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، على ضرورة تحيين الضمان الاجتماعي لمؤشراته والمعطيات سواء ما تعلّق الأمر بالفحص أو الكشوفات الطبية جميعا.

وقال زبدي في هذا الشأن، “رهاننا الحالي كمنظمة لحماية المستهلك هو الدفع بالضمان الاجتماعي قصد إعادة النظر في التعويضات المقدمة التي أصبحت لا تتماشى إطلاقا مع متطلبات العلاج في القطاع الخاص”.

منذ 1989.. لا شيء تغيّر

يرى رئيس الهيئة الوطنية لترقية وتطوير الصحة “فورام”، مصطفى خياطي، أنّه حان وقت مراجعة قائمة الأسعار التي تخص كل الخدمات الصحية في الجزائر، علما أنّ هذه الأسعار لم تُحدّث منذ سنة 1989، رغم التحولات الكبرى التي شهدها القطاع الصحي.

وأشار خياطي، في تصريح لأوراس، إلى أن تسعيرة الفحوصات الطبية كانت تُراجع بانتظام قبل 1989 كل سنتين أو ثلاث، من خلال مفاوضات تجمع بين وزارة الصحة، وصندوق الضمان الاجتماعي وممثلي مقدمي الخدمات الصحية، لكن منذ ذلك الحين، تجمّدت القائمة.

وكشف المتحدّث ذاته، أنّ الفحص عند الطبيب العام كان يُقدّر بـ 40 دج سنة 1989، بينما اليوم يتجاوز اليوم 500 دج في القطاع الخاص، فيما تضاعف سعر الفحص لدى الطبيب المختص من 100 دج إلى قرابة 3000 دج.

القطاع العام عاجز والمواطن يدفع

في هذا السياق، أكد خياطي أن المواطنين أصبحوا يدفعون مبالغ كبيرة سنويًا لضمان العلاج، لا سيما مع غياب عدد من الفحوصات الطبية المتخصصة في المستشفيات العمومية، بما فيها الجامعية، ما يضطرهم إلى اللجوء إلى القطاع الخاص.

وأبرز المسؤول نفسه، أنّ الجزء الأكبر من تمويل المنظومة الصحية أصبح يأتي من جيب المواطن، بدل صندوق الضمان الاجتماعي.

ورغم أن 90 إلى 95 %  من الأدوية مضمونة ويغطيها الضمان الاجتماعي، لا سيما للمرضى المزمنين، إلا أن أغلب الفحوصات والتحاليل التشخيصية لا تُعوض بالكامل.

وذلك، ما يدفع المواطنين إلى اللجوء إلى شبكات التواصل الاجتماعي طلبًا للمساعدة، وهو ما اعتبره خياطي مؤشراً خطيراً على وجود خلل كبير في منظومة التغطية الصحية.

مراجعة قائمة الأسعار وتفعيل طبيب العائلة

رغم تأكيده ضرورة مراجعة الأسعار، حذّر خياطي من أن توسيع التغطية الشاملة للفحوصات قد يرهق صندوق الضمان الاجتماعي ويدفعه نحو أزمة مالية.

وأوضح خياطي، أنّ مراجعة الأسعار لا تضر بمصالح ممارسي الصحة لكنها تضر بصندوق الضمان الاجتماعي إذا كانت التغطية شاملة، مشددًا على وجوب إيجاد حل توافقي يوازن بين مصلحة المرضى وقدرة الصندوق.

واقترح خياطي العودة إلى قانون 10.18 الذي ينص على اعتماد طبيب العائلة، باعتباره إجراءً كفيلاً بتقليص الطلب العشوائي على الفحوصات وتنظيم اللجوء إلى التشخيص الطبي.

ولفت المتحدّث ذاته، إلى أن بعض المرضى يجرون ما يصل إلى 3 فحوصات سكانير أسبوعيًا، دون رقابة أو توجيه طبي حقيقي، مما قد يضر بصحتهم وبالمنظومة المالية على حد سواء.

شاركنا رأيك