في ظلّ التوتر الدبلوماسي الذي تعيشه العلاقات الجزائرية – الفرنسية، يجري الحديث عن مدى تأثر العلاقات التجارية بين البلدين، فهل تصل إلى حدّ القطيعة وحظر الواردات الفرنسية إلى الجزائر؟
إنّ التصعيد الفرنسي المتواصل، خلق حالة من التوتر في الأسواق الاقتصادية، حيث تتخوّف الشركات الفرنسية من تحوّل الأزمة الدبلوماسية إلى أزمة اقتصادية تكّبدها خسائر فادحة، علما أنّ فرنسا هي ثاني أكبر مورّد إلى الجزائر بعد الصين.
وعلى إثر ما يجري تداوله حول حظر الواردات الفرنسية ومقاطعة الجزائر للمنتجات الفرنسية، كشفت لجنة التبادل إفريقيا – فرنسا (CEAF) التابعة لغرفة التجارة والصناعة في باريس، والغرفة الجزائرية – الفرنسية للتجارة والصناعة (CCFA)، أنّ “الأعمال التجارية بين البلدين مستمرة”.
وخلال الورشة السنوية التي عُقدت في دورتها الثامنة، والتي خُصّصت للحديث حول المستجدات في قانون المالية الجزائري لعام 2025، تمّ تأكيد أنه “لا يوجد حظر على واردات المنتجات الفرنسية في الجزائر”.
وحسب ما تمّ التشديد عليه في الورشة ذاتها، فإنّه “لم تصدر حتى الآن أي تعليمات رسمية من السلطات الجزائرية بشأن أي عرقلة متعمدة محتملة أو مقاطعة رسمية للمنتجات الفرنسية أو القادمة من فرنسا”.
في هذا السياق، قال مسؤول المشاريع الدولية في غرفة التجارة والصناعة في باريس، زبير ربيع، إنّ “السلطات الجزائرية تعتمد إجراءات رسمية صارمة، وتصدر تعليماتها دائمًا بشكل مكتوب، وليس شفهيًا أبداً”.
بدورهما، أكد كل من نائب المدير العام ومدير الشؤون التنظيمية في الغرفة الجزائرية-الفرنسية للتجارة والصناعة، حليم عمار خودية وأكرم حمودة، أنّ “الشائعة التي انتشرت في بداية شهر نوفمبر حول قطع العلاقات التجارية من قبل الجزائر كانت مجرد أخبار زائفة” لا أكثر”.
رغم أنّ الجزائر لم تقطع علاقاتها مع فرنسا ولم تحظر وارداتها، إلّا أنّ شركات فرنسية اشتكت من وجود “عراقيل إدارية أكثر حدة من المعتاد تعيق النشاط التجاري”، على حد تعبير مدير مكتب Business France في الجزائر رومان كيرافال.
وتحدّث كيرافال، عن “الإصدار غير المنتظم لتصاريح الاستيراد Algex”، التي تم إدخالها كإجراء جديد في عام 2023 للسلع المخصصة لإعادة البيع بحالتها الأصلية.
وأكد المتحدث ذاته، أنّ هذا الأمر “أثّر على المستوردين الجزائريين للمنتجات القادمة من فرنسا”، مشيرا أيضا إلى “الصعوبات المتعلقة بتجديد التصاريح المؤقتة للاستيراد (ATI)”.
ومن الجدير بالذكر أن هذا الإجراء لا يقتصر تأثيره على المتعاملين الفرنسيين فقط، بل إنه مدرج ضمن قائمة من القوانين التي دفعت الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق إجراء لتسوية النزاعات مع الجزائر في يونيو 2024.
من جهته، أوضح مدير الشؤون التنظيمية في الغرفة الجزائرية-الفرنسية للتجارة والصناعة، أكرم حمودة، أنّ “هذه التعقيدات ليست ناتجة عن نية متعمدة من الجزائر، بل تأتي في إطار سياسات تنظيمية أوسع”.
وعن فرض التصريح المعروف باسم “Algex” في عام 2023 من قبل الحكومة الجزائرية، فقد فسّر ذلك حمودة، بأنه إجراء يهدف إلى “تعزيز الرقابة على استيراد السلع المخصصة لإعادة البيع بحالتها الأصلية، وذلك بهدف تشجيع تطوير الإنتاج المحلي”.
وكشف المتحدّث ذاته، أنّ هذا التصريح يصدر عن وزارة التجارة الخارجية، “وهو شرط إلزامي لأي توطين مصرفي لهذا النوع من الواردات” مشير إلى أنه في عام 2024، تمت رقمنة هذه الإجراءات بالكامل، مما أدى إلى بعض المشكلات التقنية.
وأوضح المسؤول نفسه، أنه عند تقديم الطلب عبر الإنترنت اليوم، هناك إجابتان محتملتان فقط وهما “الطلب قيد الدراسة” أو “تمت الموافقة عليه”، مشددا على أنه “لا يوجد أي حظر على المنتجات الفرنسية”.
ولفت حمودة، إلى أنّ حالة “الطلب قيد الدراسة” يمكن أن تستمر لأسابيع عدة أو حتى أشهر، ما يستدعي تحقق المستورد من أنه قد أكمل النموذج بشكل صحيح، أو التواصل مع الوزارة، لا سيما إذا كان المنتج المعني ضروريًا لنشاط إنتاجي محلي ولا ينافس المنتجات المحلية.