تدريس الإنجليزية في الجامعة الجزائرية.. حتمية أم شعبوية؟ عبد الحميد خميسي

تدريس الإنجليزية في الجامعة الجزائرية.. حتمية أم شعبوية؟

  • انسخ الرابط المختص

تتجه الجزائر إلى تعميم استعمال اللغة الإنجليزية بالجامعات الجزائرية، أين يرى أهل القطاع أن ذلك سيكون من بوابة المدرستين الوطنيتين للرياضيات والإعلام الآلي خلال الموسم الجامعي الجديد.

وزادت مطالب تعويض الإنجليزية بالفرنسية في الجامعات الجزائرية، وجعلها اللغة الأجنبية الأولى في البلاد منذ أيام الحراك الشعبي، لتتحول إلى مطلب أساسي مع استمرار التصعيد بين الجزائر وفرنسا بتصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون الأخيرة.

وأعلن المدير العام للتعليم والتكوين العاليين بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ، الأربعاء، أن الجزء الأكبر من البرنامج البيداغوجي بالمدرستين العليتين للرياضيات والذكاء الاصطناعي سيكون باللغة الإنجليزية.

ثورة لغوية

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق، الطيب بوزيد، قد أطلق قبل 3 سنوات مشروع “تعزيز استعمال الإنجليزية في الجامعات الجزائرية”.

وكشف بوزيد، في سابق على صفحته بفيسبوك أن المشروع واجه قيودا بيروقراطية شاقة، لكن الفكرة انتشرت بسرعة فائقة سنة 2019.

وتبنى غالبية طلاب الجامعات، يضيف الطيب بوزيد، وعموم الشعب الجزائري المشروع بنسبة 94 بالمائة.

وقال الوزير الأسبق: “إن تطور المشروع مهيكل بشكل جيد للغاية، بفضل الدعم القيم الذي تلقيناه من طرف نظرائنا الأمريكيين من جامعة كولومبيا، وتمويلات وزارة الخارجية الأمريكية بمنحة بما يقارب نصف مليون دولار، ما كان لهذا أن يتحقق”.

وتابع: “أما اليوم، فيمكننا القول إننا جد سعداء لرؤية زملائنا من الجزائريين يستلمون المشعل، ويساهمون في الأمر برمته، والذي أصبح مشروعًا هادفا، غايته: تعزيز تدريس اللغة الإنجليزية في ميدان التعليم العالي بالجزائر”.

المشروع يبعث من جديد

ويرى المنسق الوطني لنقابة المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي، عبد الحفيظ ميلاط، أن التدريس باللغة الإنجليزية في المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي والمدرسة العليا للرياضيات، هو استئناف للمشروع الذي أطلقته وزارة التعليم العالي قبل 3 سنوات من أجل تعميم اللغة الإنجليزية في الجامعات الجزائرية، بعد أن توقف لأسباب غير معروفة.

وأضاف ميلاط في اتصال مع منصة أوراس، الأربعاء، أن الاعتماد على الإنجليزية في مدرستي الرياضيات والذكاء الاصطناعي هي الخطوة الأولى لإعادة بعث هذا المشروع، منوها بخطوة الحكومة التي اعتبرها “جادة” هذه المرة.

ولفت المتحدث في اتصاله مع أوراس إلى أن نقابة “كناس” كانت أول الداعين إلى ضرورة التدريس باللغة الإنجليزية، خاصة في التخصصات العلمية.

وقال في هذا الصدد: “حتى في فرنسا يتم الاعتماد على اللغة الإنجليزية في الشعب والتخصصات العلمية”.

ورقة ضغط على فرنسا

وأوضح منسق نقابة “كناس” أن الارتباط الزمني يوحي بأن القرار ورقة ضغط على فرنسا في ظل استمرار التصعيد بين البلدين، لكنه استبعد هذا الأمر.

وأكد المتحدث أنه كان مقررا منذ إعلان تأسيس المدرستين أن يتم التدريس باللغة الانجليزية، مشيرا إلى أن أساتذة من الولايات المتحدة الأمريكية في تواصل مع مسؤولي المدرستين.

أسباب التراجع

تراجع الوجود اللغوي الفرنسي في الجزائر وعموم إفريقيا له أسباب عديدة ومتداخلة، ترتبط بالتراجع الاقتصادي، والعلمي، والثقافي الفرنسي في القارة حاليًا مقارنة بفترة الاحتلال.

الجيوسياسي الفرنسي ميشيل غالي المختص في المسائل الأفريقية، يعترف بتراجع الحضور الفرنسي في المجال الأفريقي الفرانكفوني الذي أضحى اليوم “عسكريًّا أكثر منه اقتصاديًّا وثقافيًّا”؛ بسبب التغيير الطارئ على الخارطة الجيوسياسية بصعود قوى جديدة مثل الصين والهند، وأيضًا بصحوة النخب والجاليات الأفريقية المقيمة خارج بلدانها الأصلية.

الحملة ضد اللغة الفرنسية ومقاطعتها في الجزائر انطلقت خلال الحراك الشعبي تحت عنوان “اتركوها تسقط”، خاصة بعد تسجيل بعض المبادرات كاستبدال لافتات مقرات مؤسسات رسمية إلى اللغة الإنجليزية، منها وزارة الدفاع الوطني، ووزارة التعليم العالي وغيرها.

تقرير “المجلس الأعلى للفرانكفونية” لسنة 2019 سجل تراجع الفرنسية بالجزائر في السنوات الأخيرة، إذ أحصى انخفاض نسبة الجزائريين الذين يتحدثون اللغة الفرنسية إلى أقل من 28% فقط، أي ما يعادل 11 مليون جزائري من أصل 41 مليون نسمة.

شاركنا رأيك