ماركوأعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الأربعاء، ترشيح السيناتور الجمهوري ماركو روبيو لمنصب وزير الخارجية، ما يثير تساؤلات حول تغيير جذري في السياسة الخارجية الأمريكية تحت قيادة أحد أبرز الأصوات المحافظة في مجلس الشيوخ.
وُلد ماركو روبيو في ميامي لوالدين كوبيين من أصول متواضعة، حيث عمل والده نادلاً ووالدته عاملة نظافة.
واستلهم شغفه بالعمل السياسي من جده الذي فرّ من ويلات الشيوعية في كوبا، وقد حرص خلال مسيرته السياسية على تسليط الضوء على خلفيته كابن لمهاجرين، مؤكدًا على ما تتيحه الولايات المتحدة من فرص لجميع مواطنيها، بغض النظر عن أصولهم.
على مدى مسيرته، تدرج روبيو في العمل السياسي، حيث بدأ عضواً في مجلس نواب فلوريدا، قبل أن يصبح سيناتوراً في مجلس الشيوخ، مما أكسبه خبرة واسعة في الشؤون الدولية، كما ساهم في بلورة مواقفه الحازمة تجاه ملفات عديدة على الساحة العالمية.
عُرف ماركو روبيو بمواقفه الحادة تجاه الصين وإيران وكوبا وفنزويلا، حيث دعا لسياسات متشددة في التعامل مع هذه الدول بالإضافة إلى تأييده الحرب الإسرائيلية على غزة.
وتتسم رؤية روبيو للسياسة الخارجية الأمريكية بالتشدد تجاه طهران، حيث وصف النظام الإيراني مراراً بأنه “نظام إرهابي”، محذراً من التهديد الذي يشكله تحالف روسيا والصين وإيران على الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن إدارة ترامب المقبلة ستتخذ موقفاً “واضحاً وحازماً” تجاه طهران، قائلاً: “بدون إيران، لن تكون هناك حماس ولا حزب الله”.
كذلك، عُرف ماركو روبيو بدعمه غير المشروط لـلاحتلال الإسرائيلي، حيث أعرب عن دعمه لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعمليات الاحتلال العسكرية ضد قطاع غزة، واصفاً حماس بـ”التنظيم الإرهابي” وبأنها “تهديد حقيقي” لأمن “إسرائيل”.
هذا الموقف القوي تجاه الكيان الصهوني يُرجح أن يكون له تأثير على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
يضع ماركو روبيو الصين على رأس قائمة “الأعداء الأشد خطراً” للولايات المتحدة، حيث يصر على ضرورة فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية والتجارية عليها، محذراً من سعي الصين إلى تجاوز الولايات المتحدة على الصعيد التكنولوجي والاقتصادي.
في مقاله بصحيفة “واشنطن بوست”، شدد ماركو روبيو على أهمية تعزيز القطاعات الاستراتيجية للولايات المتحدة لمنع الصين من التفوق، مشيراً إلى ضرورة إيقاف عمليات “التجسس وسرقة الملكية الفكرية” التي تقوم بها.
وقد حذر مرارًا من أن دولًا مثل الصين وروسيا وإيران تتعاون لتقويض الدور الأمريكي عالميًا، ودعا إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة هذا التحالف الناشئ.
رغم موقفه السابق المؤيد لأوكرانيا في مواجهة روسيا، إلا أن ماركو روبيو أشار إلى ضرورة إنهاء النزاع عبر “خيارات صعبة”، ملمحًا إلى إمكانية اللجوء إلى تسوية تفاوضية قد تتضمن تنازلات من الجانب الأوكراني، وهو ما قد يغير الموقف الأمريكي من هذا الصراع في المستقبل.
كما دعا إلى إصلاح حلف “الناتو”، مطالباً الدول الأوروبية بزيادة مساهماتها المالية وعدم الاعتماد بشكل كامل على الولايات المتحدة.
باعتباره ابنًا لمهاجرين من كوبا، خصص ماركو روبيو جزءًا كبيراً من اهتمامه بقضايا أمريكا اللاتينية، حيث أبدى دعمه لمواصلة العقوبات المفروضة على أنظمة كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا، داعياً إلى تعزيز العلاقات مع الدول ذات التوجهات السياسية المعتدلة في المنطقة.
ينتظر الآن موافقة مجلس الشيوخ لتأكيد هذا الترشيح، فيما يتابع العالم بترقب مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية التي قد تتأثر بمواقف روبيو الصارمة.
من المتوقع أن يُحدث ترشيح ماركو روبيو نقلة نوعية في السياسة الخارجية الأمريكية، لا سيما في ملفات مثل العلاقات مع الصين وإيران، ومساندة إسرائيل، ودعم الجهود الأميركية في أميركا اللاتينية.
رؤية روبيو، المستندة إلى “أمريكا أولاً”، ستتضح معالمها فور توليه المنصب، حيث يتطلع العالم إلى التغييرات التي سيقودها تحت مظلة الإدارة الأمريكية الجديدة التي تبدأ مهامها يناير المقبل.