كشف تقرير مصوّر نشره موقع الجزيرة الإنجليزية ضمن سلسلة “بالأرقام” أن أغلب الحروب الجارية اليوم في العالم تقع في القارة الإفريقية، مسجّلة تصاعدًا غير مسبوق في وتيرة النزاعات المسلحة، ما جعل إفريقيا مركزًا رئيسيًا للصراعات على الصعيد العالمي.

وأشار التقرير إستنادا إلى خبراء إلى أن تصاعد النزاعات يعود إلى تدخلات خارجية تغذي الصراعات المحلية فضلا عن هشاشة الأنظمة السياسية، وتفاقم الأزمات الاقتصادية، ما أدى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم، مع تراجع جهود الإغاثة الدولية وانهيار بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في العديد من الدول.

وأوضح التقرير تزايد عدد الجماعات المسلحة في مناطق مثل الساحل الإفريقي والقرن الإفريقي، وسط ضعف الحكومات المركزية وانهيار بعثات الأمم المتحدة في دول مثل مالي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ما خلق فراغًا أمنيًا خطيرًا يفاقم معاناة المدنيين.

كما كشف التقرير أن تراجع التمويل الدولي لبرامج الإغاثة ساهم في زيادة معاناة ملايين النازحين داخليًا واللاجئين عبر الحدود، في حين أن النزاعات لم تعد تقليدية بين الحكومات والجماعات المسلحة، بل تشمل صراعات عرقية وطائفية ونزاعات على الأراضي والموارد، ما يزيد من تعقيد الحلول الدبلوماسية والإنسانية.

ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في آليات التدخل، وتكثيف الجهود الدبلوماسية والإنسانية، ودعم الحكومات والمجتمعات المحلية لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، مؤكداً أن مستقبل القارة الإفريقية مرهون بالقدرة على معالجة جذور الأزمات، وليس مجرد التعامل مع مظاهرها، من خلال دعم التنمية المستدامة، وتعزيز الحكم الرشيد، والحد من التدخلات الخارجية المزعزعة للأمن.

وفي سياق متصل، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن تقارير استخباراتية أمريكية أن الإمارات زوّدت ميليشيا “الدعم السريع” في السودان بأسلحة متعددة، تشمل طائرات مسيّرة صينية متقدمة من سلسلة “رينبو”، إضافة إلى أسلحة خفيفة وثقيلة وذخائر وراجمات صواريخ ومدفعية ووسائط نقل ميدانية.

وأفاد تقرير صادر عن مركز أبحاث تسليح الصراعات (CAR) في أفريل الماضي أن منطقة الساحل شهدت في 2024 أكثر من نصف الوفيات العالمية المرتبطة بالإرهاب، بنسبة 51%، ما يعكس تدهورًا أمنيًا خطيرًا أثر بشكل مباشر على السكان المحليين.

وأشار التقرير ذاته، إلى توسع سيطرة جماعتين إرهابيتين سلفيتين، هما “نصرة الإسلام والمسلمين” وتنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، التابع لتنظيم داعش، على مناطق واسعة في الساحل الإفريقي، منذ عام 2015، مع زيادة قدرتهما على تنفيذ هجمات ضد القوات الحكومية والمدنيين، وهو ما دفع الأمم المتحدة لتصنيف الوضع كأسرع أزمة نزوح سكاني في العالم.

في المجمل، يؤكد التقرير أن النزاعات المسلحة في إفريقيا لم تعد قضية محلية فقط، بل تحولت إلى بؤرة صراعات عالمية بفعل التدخلات الخارجية و”الهشاشة السياسية”، ما يستدعي استجابة دولية عاجلة لحماية المدنيين، ودعم التنمية والحكم الرشيد، ومنع تحول الأزمة الإنسانية إلى كارثة أكبر على مستوى القارة والعالم.