تهم بالدعارة وتعاطي المخدّرات.. مؤثّرات جزائريات بين “بريق” المواقع و”بشاعة” الواقع أميرة خاتو

تهم بالدعارة وتعاطي المخدّرات.. مؤثّرات جزائريات بين “بريق” المواقع و”بشاعة” الواقع

صناعة المحتوى، مجال جديد بدأ يشق طريقه في السنوات الأخيرة بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتمتهنه فئة من الجزائريين ممن أصبحوا يُعرفون بالمؤثرين.

ولعلّ امتزاج الهامش الكبير من الحرية والانتشار السريع، جعل هذا المجال يحيد عن الدور الإيجابي المنوط به، ليتحول إلى حقل خصب لغرس أفكار خطير والترويج لسلوكيات سيئة.

فالحرب الافتراضية الأخيرة القائمة بين مجموعة من المؤثّرات، أماطت اللثام عن تورط كثيرات في قضايا مخلّة بالحياء والممنوعة أخلاقيا وقانونيا، حيث اتهمت مؤثّرة، مؤثرة أخرى بامتهان الدعارة، وأخرى بتعاطي المخدّرات، بالإضافة إلى اتهام ثالثة بالخيانة الزوجية، وغيرها من القضايا التي باتت تُتداول عبر “ستوريات” بعض صناع المحتوى في الجزائر.

وفي الوقت الذي لا يولي فيه صناع القرار أهمية للسموم التي تُبث عبر الشبكة العنكبوتية، يجدر الذكر بأن عدد متابعي المؤثرين يتجاوز الملايين، ممّا قد يجعلهم خطرا على النظم الاجتماعية.

ورغم أن المحتوى السلبي أصبح ظاهرة طغت على العالم الافتراضي الجزائري، مازال بعض صناع المحتوى يحاولون نشر محتويات هادفة وتمرير رسائل إيجابية.

نفوذ إلكتروني ذو تأثير اجتماعي

بعد أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءً لا يتجزأ من حياة الفرد، من الطبيعي أن تساهم هذه الأخيرة في التأثير داخل المجتمعات.

في هذا الصدد، أوضحت الأخصائية الاجتماعية الأسرية والإعلامية، آمال حفصة زعيون، في حديثها لمنصة “أوراس”، أن الملاحظ للسلوكيات الاجتماعية في المجتمع الجزائري بعد تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار المؤثرين يتضح له انعكاس محتوى هذه المواقع على الحياة اليومية للفرد.

وأكدت الأخصائية الاجتماعية، أن المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، يتمتعون بالقدرة على الوصول إلى عدد كبير من المتابعين وهذا لما يمنحهم لهم “الترند” من نفوذ إلكتروني سواءً كان المحتوى إيجابيا أو سلبيا.

وتضيف زعيون: “بالتالي يتمكن محتواهم من التأثير على فئة من المتابعين و يدعم ذلك عددا من المؤسسات الإشهارية وبعض المؤسسات الإعلامية”.

بالنسبة للجانب السلبي للمؤثرين، تشدّد المختصة، على ضرورة الفصل بين المحتوى والتأثير، وتشير إلى أنه في بعض الأحيان حتى المحتوى الإيجابي المتعلق بالسياحة أو غيرها قد يكون سلبيا إذ قد يؤدي بالمتابع لهم إلى مقارنة حياته بالمثالية الظاهرة على مواقع التواصل ما يجعله يشعر بالإحباط والحسرة لأنه لن يتمكن من عيشها.

وتتابع محدثتنا:” نفس الشيء بالنسبة للمحتويات التي يقال عنها ترفيهية إلا أنها لا تتضمن سوى الرقص والفضائح والشائعات وبالتالي هي تضييع للوقت وتُبعد الفرد عن أهداف مفيدة وحياة واقعية”.

الجرائم الإلكترونية في ارتفاع حاد

أصبحت أروقة المحاكم تستقبل قضايا عدّة تخصّ الجرائم الإلكترونية، حتى أن عديد المؤثرات باتت تلجأن إلى المحاكم في حربهن الافتراضية.

وارتفع عدد الجرائم الإلكترونية في الجزائر خلال سنة 2022 إلى 2023، حيث كشف المسؤول عن الإجرام السيبراني في قيادة الدرك الوطني، الرائد فريد درامشية، معالجة 500 جريمة سيبرانية خلال شهر جانفي وفيفري من السنة الجارية.

وأكد الرائد فريد درامشية، في تصريح سابق للإذاعة الوطنية، أن الجرائم الإلكترونية في الجزائر في تزايد مستمر، بعد أن قفز من 2838 جريمة في سنة 2021، إلى 4600 قضية في سنة 2022.

ولفت إلى أن الجرائم الإلكترونية تشمل الابتزاز والتهديد والتشهير والمساس بالحريات الشخصية والحياة الخاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى نشر معلومات زائفة ومضللة، إلى جانب التشهير وغيرها.

تحصين المراهقين ضرورة ملحّة

يُعتبر المراهقون فئة هشّة، تُشكّل هدفا سهلا يُمكن التأثير عليه، وهذا ما يفرض إيجاد طرق لتحصينهم من الأثر والتأثير السلبيين الذين يُمكن أن يطالهما.

في هذا الصدد، تدعو الأخصائية الاجتماعية والأسرية، آمال حفصة زعيون، إلى ضرورة تحمل الجميع لمسؤولياتهم المنوطة بهم لتفادي تقليد المؤثّرين  وتدارك مشاكل المجتمع.

وهنا تشدّد محدّثتنا على دور الأسرة في فرض الرقابة، ودور الإعلام في اختيار الشخصيات التي يعطي لها فرصة للظهور والعمل على دعم المؤثرين ذوي المحتوى الإيجابي، بالإضافة إلى فرض رقابة قانونية إلكترونية على منشورات المؤثرين.

“المؤثرون”.. نجوم الجزائر الجدد؟

مع دخول المؤثرين إلى الساحة الفنية، وامتهانهم التمثيل والغناء وحتى الإعلام، باتت هنالك منافسة بينهم وبين المشاهير التقليديين (الممثلين والمغنيين)، على من هم نجوم الجزائر ومشاهيرها.

في هذا الصدد، ترى الإعلامية المهتمة بالشأن الثقافي، صفاء منسل، أن صفة النجومية لا يمكن إعطاؤها لأي كان، فبالحديث عن نجوم الصف الأول مثلا يجب الحديث عن نجوم الصف الأول من أمثال الشاب خالد ووردة الجزائرية وغيرهم، أما بالنسبة للمؤثرين فلا “يمكن وصفهم بالنجوم أبدا “، في حين “يمكن وصفهم بنجوم مواقع التواصل الاجتماعي فهم ليسوا نجوما قدموا محتوى ثقافي أو فني”.

وتضيف محدّثتنا:”مع ذلك لا نتحدث عن الفئة التي تحاول أن تنشر محتوى هادف، فئة موهوبة من الشباب ممن يسعون من خلال مواقع التواصل الاجتماعي إلى التعريف بموهبتهم”.

ولفتت صفا منسل، إلى أنه منذ سنة 2016 عرفت مواقع التواصل الاجتماعي انفتاحا كبيرا في الجزائر، مما ساهم في دخول عديد الأسماء إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وعرّفت لنا الإعلامية الجزائرية مصطلح “المؤثر” بأنه من يقدم محتوى ناجح يصبّ في إيصال رسالة هادفة ثقافية أو سياسية أو اقتصادية أو غيرها، تحمل مضمونا لائقا للمتابعين.

وتؤكد منسل، أن مفهوم التأثير استخدم بشكل خاطئ في الجزائر، وأصبح يُطلق على أي كان.

هوس الأرقام

تُشكّل الأرقام بمختلف معانيها هوسا كبيرا لدى بعض المؤثرين، فعدد المتابعين، والمبالغ المالية التي يجنونها، تقودهم في بعض الأحيان إلى تجاوز جميع الخطوط الحمراء لتحقيق “البوز”.

واعترفت بعض المؤثّرات، في خرجات عدّة بأنهن تختلقن قصصا ومشاكل بينهنّ لرفع نسبة المشاهدات والتفاعل.

 

وتُروّج بعض المؤثّرات إلى مستحضرات لا يعرفن مدى نجاعتها، ليصل بهنّ الأمر في بعض الأحيان إلى الترويج لعمليات طبية خطيرة راح ضحيتها بعض المتابعين، مثل عمليات تكميم المعدة.

في هذا الشأن، تأسفت صفا منسل لواقع أن عدد المشاهدات والمتابعات أصبحت كل ما يهم بالنسبة للإعلام أو المؤسسات التي تبحث عن الترويج لمنتجاتها، “لتُصبح الأرقام هي ما تعكس مدى التأثير في المجتمع الجزائري وليس مدى نجاح مؤثر بعينه”.

وتضيف:”الأرقام ليست معيارا للنجاح، فهناك فنانين وصناع محتوى جيد لا يمتلكون عددا كبيرا من المتابعين، كون ميولات المتابع الجزائري لا تصب في صالح المحتوى الهادف، فالجميع يبحث عن “البوز” على غرار الصراعات الأخيرة بين بعض المؤثرات”.

وختمت صفا منسل حديثها بنصيحة هامة:” يجب أخذ الحيطة والحذر من كل ما يُنشر عبر منصات التواصل، فليس كل ما نشاهده حقيقة، فبالبعض يخلق صراعات لصناعة الجدل”.

 

شاركنا رأيك

  • غير معروف

    الأربعاء, مايو 2023 23:04

    من علامات الساعة ربي رحمتك ولطفك العدوى تنتقل ربي يسترنا امين