جهاز “مجد”.. كيف تفادى السنوار سيناريو حزب الله وإيران؟
جهاز “مجد”.. كيف تفادى السنوار سيناريو حزب الله وإيران؟ يونس جعادي

جهاز “مجد”.. كيف تفادى السنوار سيناريو حزب الله وإيران؟

  • انسخ الرابط المختص

كشفت وسائل إعلام حكومية إيرانية، عن اعتقال 700 شخص بتهمة التجسس لصالح “إسرائيل” خلال 12 يوما فقط، وضبط نحو 10 آلاف مسيرة في العاصمة طهران وحدها.

وقالت الوسائل ذاتها، إن السلطات المحلية في إيران، أعدمت 6 أشخاص لحد الآن بتهمة التجسس لصالح “إسرائيل”، خلال الحرب الأخيرة ضد الكيان الصهيوني.

وتواصل طهران -حسب المصادر نفسها-، حملة واسعة النطاق لإلقاء القبض على المتعاونين مع الاحتلال الإسرائيلي، مما يؤكد عزم النظام الإيراني على تفكيك شبكة الجواسيس الكبيرة مترامية الأطراف داخل حدوده.

اختراق كبير

أفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية، أن عُملاء صهاينة وبمساعدة متعاونين محليين، مكنّوا “إسرائيل” من تنفيذ ضربات دقيقة واغتيالات كثيرة داخل البلاد خلال الحرب الأخيرة.

وكشفت السلطات الإيرانية، أن عددا من الجواسيس الّذين تم اعتقالهم وإعدامهم ينتمون إلى أقليات عرقية، بالقرب من الحدود الغربية والشمالية الغربية للبلاد.

وقالت وسائل إعلام محلية إيرانية، إن الاستخبارات “الإسرائيلية” تستغل نقاط الضعف الاجتماعية والاقتصادية لهذه المجتمعات ومعرفتها المحلية العميقة، لتجنيد عملاء يستخدمون تطبيقات الرسائل المشفرة والعملات المشفرة لنقل معلومات عسكرية ونووية حساسة.

حزب الله سبِق إيران

الاختراق الكبير الذي حصل في الحرب الإيرانية ضد الكيان الصهيوني، ذكّر بالاختراق ذاته تقريبا لحزب الله، والذي كان سببا مباشرا في إخراجه من الحرب ضد الكيان إسنادا لغزة، باتفاق وقف إطلاق نار مهين.

وجاء في تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز”، أن أكثر من عشرين مسؤولا إسرائيليا وأمريكيا وأوروبيا، كشفوا عن مدى اختراق الجواسيس “الإسرائيليين” لحزب الله.

وقال التحقيق، إن الصهاينة جنّدوا أشخاصا لزرع أجهزة تنصت في مخابئ حزب الله، وتتبّعوا الاجتماعات بين كبار القادة، وكانت لديهم رؤية شبه دائمة لتحركاتهم.

وأضاف تحقيق الصحيفة، أن “نصر الله، حتى اللحظة التي اغتيل فيها لم يكن يعتقد أن إسرائيل ستقتله”، وهو فشل استخباراتي ذريع جدا أسقط أقوى قادة الحزب ليسقط الحزب بعده أيضا.

“أبو إبراهيم” وفطنة القائد

يؤكد كثيرون عرفوا الشهيد الراحل يحيى السنوار لفترة طويلة داخل السجن أو خارجه، أنه رجل منظم وفطن وحاد الذكاء، وهذه الصفات تؤكد أنه لا يأتمِن أيا كان ولا يُخدع بسهولة.

وحسب تقييم استخباراتي “إسرائيلي” لشخصية السنوار بأنه “موثوق بين أصدقائه ويتمتع بقدرات غير عادية على التحمل والدهاء والتلاعب ويكتفي بالقليل، ويحتفظ بالأسرار حتى داخل السجن بين السجناء الآخرين”.

ووصفه الضابط ميخا كوبي الذي أشرف على استجوابه لصالح جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) عام 1989، بأنه “رجل يتمتع بحضور قيادي وكاريزما، قليل الكلام، كما أنه سريع الغضب”.

تأسيس جهاز مجد

آمن القائد الشهيد يحيى السنوار، بأن هزيمة الصهاينة تتطلب القضاء على العُملاء لأنهم أداة من أدوات الخيانة في الداخل الفلسطيني، لذلك قدّم مقترحا في منتصف ثمانينات القرن الماضي، على الشيخ الشهيد أحمد ياسين لتأسيس جهاز لتحقيق ذلك.

وتولى يحيى السنوار الرئيس الراحل للمكتب السياسي لحركة حماس، مع رفاقه في الكفاح، تأسيس جهاز يُعد أحد أهم أجهزة الحركة، والذي أرهق الاحتلال الإسرائيلي -وما يزال- على مستوى الاستخبارات، وهو جهاز الأمن الحركي.

وتأسّس الجهاز بإشراف مباشر من الشيخ أحمد ياسين، قبل أن يتم تطوير، بمشاركة عدد من نخبة قادة الحركة، ما أطلق عليه منظمة الجهاد والدعوة والتي حملت مختصر “مجد” عام 1986 من أجل مكافحة عملاء الاحتلال، وكشف عمليات التجسس على المقاومة والمجتمع الفلسطيني.

وبقي يحيى السنوار منخرطا في العمل الاستخباراتي وقائدا لجهاز الجهاد والدعوة قبل أن يتحول إلى كتائب القسام، نحو 3 أعوام، كشف ورفاقه خلالها العديد من الخلايا للاحتلال.

وجرى خلال هذه المدة مُحاسبة العديد من المتورطين في خيانة القضية الفلسطينية بجمع المعلومات للاحتلال، قبل أن يُعتقل السنوار عام 1988، لكن الجهاز واصل عمله وتصاعد دوره مع دخول الانتفاضة مع التحديات الكبيرة التي مرّت بها المقاومة.

دور الجهاز الكبير

تركّز عمل جهاز مجد الأمني الذي أسسه الشهيد يحيى السنوار ونخبة رجال المقاومة الفلسطينية، على مكافحة التجسس على المقاومة والمجتمع الفلسطيني، حيث عمل على تتبع ومراقبة من يتم الاشتباه بعمالتهم للاحتلال، ومكافحة وسائل جهاز مخابرات الاحتلال” الشاباك”، لتجنيد العملاء.

وكان دوره الجوهري أيضا، الاهتمام بالأمن الداخلي لحركة حماس وجناحها العسكري، عبر تأمين الأنشطة الداخلية للحركة، وتوفير المعلومات الاستخبارية لقياداتها، من أجل تسهيل التحركات، وحماية المقاومين، ومنع وصول أي معلومات عن نشاطهم لعملاء الاحتلال، الذين كانوا يبحثون بدفع من ضباط “الشاباك” عن أي معلومة قد تفضي إلى اغتيالهم أو تنفيذ هجمات ضدهم.

جهاز ليس ككل الأجهزة

أكد الشهيد القائد يحيى السنوار، أن رؤيته وتخطيطه بتأسيس جهاز يتابع ويكشف الخونة والعملاء للكيان الصهيوني في فلسطين، أحد أهم وأنجح القرارات في مسيرته النضالية.

ويُعتبر هذا الجهاز أداة استخباراتية ليست كغيرها، نظرا للظروف المحيطة بالبلد وبغزة، ونظرا لمساهمته أيضا في إنقاذ المقاومة لعقود وفي كثير المحطات المهمة للقضية الفلسطينية.

يونس جعادي

خريج معهد علوم وتقنيات النشاطات البدنية والرياضية، صحفي وكاتب لعدة مواقع جزائرية وعربية.

شاركنا رأيك