كشفت دراسة حديثة نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات إشكالية التسلّح في المنطقة المغاربية، مع التركيز على التنافس بين الجزائر والمغرب.
وتسلط الدراسة الضوء على الديناميكيات العسكرية والسياسية التي جعلت الإقليم من بين أكثر المناطق تسلحًا في العالم، رغم غياب التهديدات الوجودية المباشرة بين الدول المغاربية.
الدراسة التي أعدّها الباحث عبد النور بن عنتر، أستاذ بجامعة باريس الثامنة، تشير إلى ارتفاع ملحوظ في الإنفاق العسكري للجزائر والمغرب خلال السنوات الأخيرة.
في عام 2023، بلغ إنفاق الجزائر 18.1 مليار دولار، مقابل 17 مليار دولار للمغرب، وهي أرقام تُظهر تنافسًا حادًا بين الدولتين الجارتين.
اللافت أن أكثر من نصف الإنفاق العسكري في إفريقيا يأتي من أربع دول فقط، منها الجزائر والمغرب، حسب الدراسة.
ووفقًا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام، تضاعف الإنفاق العسكري في المنطقة المغاربية بشكل كبير منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، ما يجعلها نقطة ساخنة في سباق التسلّح العالمي.
تقدم الدراسة تفسيرًا عميقًا للتسلّح في المنطقة، مشيرةً إلى أن هذا التنافس ينبع من عوامل بنيوية تتجاوز التوترات السياسية الآنية.
وأشارت إلى أن الجزائر والمغرب يسعيان لتعزيز موقعهما كـ”دولة مركزية” في الإقليم، وهو ما يعكس تنافسًا على الزعامة الإقليمية أكثر من كونه مجرد استجابة لتهديدات خارجية.
يعزز هذا التنافس قضايا سياسية عالقة مثل نزاع الصحراء الغربية، إضافة إلى التحالفات الدولية، لا سيما التعاون العسكري بين المغرب و”إسرائيل”، الذي تراه الجزائر تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
تؤكد الدراسة أن سباق التسلّح بين الجزائر والمغرب يتسم باستقلاله النسبي عن التوترات السياسية الثنائية.
بمعنى أن الإنفاق العسكري لا يعكس دائمًا تصاعد الأزمات الدبلوماسية بين البلدين، بل يُغذى بعوامل هيكلية تشمل القلق من تغير موازين القوى الإقليمية، وفق المصدر ذاته.
وتستند الدراسة إلى النظرية الواقعية في العلاقات الدولية لتفسير هذه الدينامية، مشيرة إلى أن الدول تتسلّح عادةً استجابةً لما يُعرف بـ”معضلة الأمن”، حيث يُنظر إلى زيادة تسلح دولة ما على أنه تهديد محتمل يتطلب ردًا مماثلًا.
قوة ضاربة.. #الجزائر تكتسح #المغرب عسكرياhttps://t.co/nlbSvB0nSb
— أوراس | Awras (@AwrasMedia) December 2, 2024
رغم غياب تهديدات وجودية بين الدول المغاربية، تحذر الدراسة من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية بين الجزائر والمغرب.
يشكّل هذا الخطر نتيجة لتفاعل عوامل طارئة مثل التحالفات الدولية مع عوامل بنيوية متجذرة في تاريخ العلاقات الثنائية.
وتجادل الدراسة بأن استمرار التسلّح بهذه الوتيرة قد يؤدي إلى تصعيد التوترات، خصوصًا في ظل غياب آليات إقليمية للحد من سباق التسلّح أو لتعزيز التعاون الأمني بين الدول المغاربية.
تؤدي التحالفات الدولية دورًا محوريًا في تغذية سباق التسلّح، فعلى سبيل المثال، التعاون العسكري بين المغرب و”إسرائيل” أثار قلق الجزائر، ودفعها إلى تعزيز إنفاقها العسكري لموازنة التهديدات.
من جهة أخرى، تستثمر الجزائر بشكل كبير في تطوير صناعتها العسكرية لتعزيز استقلاليتها وقدرتها على مواجهة أي تحديات إقليمية.
هل اشترت الجزائر 14 مقـ . ـاتلة حربية شبحية من طراز سو-57؟.. إليك التفاصيل pic.twitter.com/1ubdknxko5
— أوراس | Awras (@AwrasMedia) November 25, 2024
تشير الدراسة إلى أن التنافس بين الجزائر والمغرب يتجاوز الأبعاد العسكرية ليشمل الجوانب الاقتصادية والدبلوماسية.
وتوضح أن كل بلد يسعى إلى تأكيد ريادته الإقليمية من خلال بناء تحالفات دولية واستغلال نقاط ضعف الآخر.
ومع ذلك، ترى الدراسة أن هذا التنافس، وإن كان محكومًا باعتبارات الزعامة، لا يهدف إلى الهيمنة المطلقة، بل إلى تعزيز النفوذ وتأمين المصالح الوطنية.
تستشرف الدراسة في الختام سيناريوهات عدة للمشهد الإقليمي، أولها استمرار سباق التسلّح، مما يزيد من احتمالات وقوع مواجهة عسكرية محدودة، خاصة إذا تفاقمت العوامل الطارئة كتحالفات المغرب الخارجية.
ثانيها، إمكانية بناء تعاون أمني إقليمي، وهو خيار يتطلب إرادة سياسية قوية من الجانبين ووساطة دولية فعالة.
وأخيرًا، حذرت الدراسة من أن غياب خطوات ملموسة للحد من التصعيد قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل أعمق.
تجدر الإشارة إلى أن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مؤسسة بحثية فكرية مستقلة مختصة بالعلوم الاجتماعية والإنسانية في جوانبها النظرية والتطبيقية.
المفوضية الأوروبية تصعّب المهمة على المغرب: لا سيادة على الصحراء الغربية
بالفيديو.. المواطن الإسباني المختطف يشكر الجزائر على تحريره
مقرمان يكشف تفاصيل تحريره.. الجزائر تُسلّم المواطن الإسباني المختطف لسلطات بلاده
"احتجاجات التلاميذ ودروس الدعم".. مسؤول يكشف لـ"أوراس" الأسباب وخطة الوزير
بعد جدل الدروس الخصوصية.. "كنابست" تؤكد أن الخلل في المنظومة التعليمية