استخدم باحثون جزائريون نبات “أناباسيس أرتيكولاتا” المعروف محلياً بـ”صابون الصحراء” في دراسة علمية حديثة كشفت عن قدرته العالية على تحمل الملوحة ودرجات الحرارة المرتفعة، ما يجعله مرشحاً واعداً لاستصلاح الأراضي المتدهورة ومكافحة التصحر.
وورد في هذه الدراسة الحديثة أجراها فريق بحثي من مختبر الموارد الحيوية الصحراوية بجامعة قاصدي مرباح بورقلة، ونشرتها دورية “Journal of Applied Research on Medicinal and Aromatic Plants”، أنه تم اختبار قدرات هذا النبات على مقاومة الملوحة والحرارة العالية، وهي من أكثر التحديات التي تعيق الزراعة في المناطق الصحراوية.
وأثبتت الدراسة أن النبات لا يتحمل هذه الظروف فقط، بل يستمر في النمو والإنبات في بيئات لا تطيقها معظم النباتات الأخرى، ما يضعه في مقدمة النباتات المرشحة لاستصلاح الأراضي المالحة والهامشية، حسب مقال نشرته شبكة “الجزيرة نت“.
قام الباحثون بجمع بذور النبات من منطقتي سد رحال (الجلفة) ووادي نسا (ورقلة)، وزُرعت في ظروف تراوحت ملوحتها بين 0 و600 مليمول، وبدرجات حرارة بين 5 و45 درجة مئوية.
ورغم التأثير السلبي للملوحة العالية على سرعة الإنبات، أظهرت البذور مقاومة ملحوظة:
وتبيّن أن بذور سد رحال أكثر مقاومة، ما يشير إلى وجود تكيّف محلي يتيح استغلال أصناف مختلفة من النبات بحسب المنطقة الجغرافية.
على الرغم من أن الدراسة لم تتطرق بعمق إلى العمليات البيولوجية التي تمنح النبات هذه القدرات، لكن باحث الدكتوراه بكلية الزراعة جامعة المنيا الواقعة جنوب مصر، أحمد شلبي أشارفي تصريحات للجزيرة نت أن “التكيف الأسموزي وتخزين الأملاح في الفجوات الخلوية، إلى جانب إنتاج مركبات مقاومة للإجهاد مثل البرولين والكاروتينويد، قد تكون من آليات الدفاع لدى النبات.
وأضاف أن النباتات الصحراوية غالبًا ما تطوّر خصائص فسيولوجية مثل:
ومن جانبه، أكد المهندس علي أبو سبع، المدير العام للمركز الدولي للزراعة في المناطق الجافة والقاحلة (إيكاردا)، أن هذا النبات يمكن أن يكون عنصرًا مهمًا في تركيبة زراعية متكاملة.
كما أن معرفة آليات التكيف لديه ستسهم في اختيار محاصيل مناسبة لمناطق جافة أو متدهورة.
ويشير إلى أهمية عدم الاعتماد على نبات واحد، بل المزج بين نباتات تنظيفية مثل “صابون الصحراء”، ومحاصيل اقتصادية مثل الشعير، ما يحقق التوازن بين الربح البيئي والاقتصادي.
لم يعد “صابون الصحراء” مجرد نبات بدوي يُستخدم في التنظيف أو التداوي، بل بات يُنظر إليه اليوم كـ”كنز بيئي” يمكن أن يساهم في الحد من التصحر، واستصلاح الأراضي المالحة، وتعزيز الزراعة المستدامة في الجزائر وشمال إفريقيا.
فهل نشهد مستقبلاً تنتشر فيه مزارع “العجرم” في قلب الصحراء، كجزء من استراتيجية وطنية لردّ الاعتبار للأرض التي أنهكتها الملوحة والجفاف؟ المؤشرات العلمية تقول: نعم، والفرصة أقرب مما نعتقد.
صابون الصحراء هو مادة صابونية تأتي من نبات العجرم القديم الذي يعيش في الصحراء.
ونبتة العجرم هي نبتة تعيش في بيئة حارة، متواجدة بشكل كبير في الصحراء والمناطق الجبلية.
وكانت تُستخدم قديماً كـ صابون لغسل الأيدي والأواني والملابس، من خلال طحنها وفركها مع الماء، لتُطلق رائحة ورغوة صابونية كما الصابون الحالي تماماً.
ويحتوي نبات العجرم على فروع كثيفة ويتميز بقوته وتحمله للظروف الصعبة، مثل درجات الحرارة المرتفعة في المناطق الصحراوية.
ومع ذلك، فإنه لا يتحمل الصقيع، وينمو نبات العجرم في مناطق جنوب شرق أوروبا وشمال إفريقيا، ويمتد إلى مناطق جنوب غرب آسيا وآسيا الوسطى.
وفي قلب الصحراء الجزائرية، حيث التربة الملحية ودرجات الحرارة القاسية، يستخدمه السكان المحليون الجزائريون منذ قرون في التنظيف والتطهير لما له من قيمة تقليدية وطبية.