“غود مورنينغ” الفيلم الروائي الطويل للمخرج اللبناني بهيج حجيج المعروض في مهرجان قرطاج السينمائي ضمن برنامج السينما اللبنانية التي حلت ضيف شرف على المهرجان في دورته الأخيرة، هو ثاني تعاون للمخرج مع الكاتب رشيد الضعيف، حيث سبق له أن اشتغل على قصة لهذا الأخير في فيلم “زنار النار”.
يستعرض “غود مورنينغ” الشيخوخة وأزمة العيش في زمن يشهد تحوّلات كبرى لحد أن بعضهم يشعر بأنه غريب عنه، بل مجرد ضيف على مرحلة تجاوزته.
القصة تجاوب على رؤية حديثة تتعاطى مع الأشياء التي تدور حولنا، من بينها موضوع الشيخوخة وما يعيشه المتقاعدون من روتين، هذا الأمر يجعل بطلا الفيلم يبحثان عن حياة أخرى، أو بالأحرى عمل ينشطان به ذاكرتهما ويتخذان الكلمات المتقاطعة سبيلا لذلك، هذه اللعبة إن صح القول تصبح أداة يستندان عليها لكي يواكبان كل ما يجري حولهما.
الفيلم يرتكز على ملاحظات موجودة في المقاهي، وهو مكان المسنين المفضل حيث يجتمعون لحل الكلمات المتقاطعة سعياً منهم لإبقاء الذاكرة حية، خاصة الذاكرة الجماعية وبطلا الفيلم جزء منها، وهما جسر ما بين الذاكرة القديمة والمجتمع اللبناني القديم والمجتمع الحالي، يلعبان الدور كمراقبين من خلال تعليقاتهما.
ففي مقهى بيروتي، يجتمع يوميا مسنّان (غابريال يمين وعادل شاهين) في العقد الثامن من العمر، حيث يحتسيان القهوة ويحلان الكلمات المتقاطعة، ويعلقان على أمور عدة سنعرف من خلالها أحوال لبنان والمنطقة والعالم على أصعدة مختلفة، ويرصد الفيلم جانباً من معاناة ومخاوف وهواجس الأشخاص في عمر الشيخوخة، لاسيّما في بلداننا العربية.
يركب المخرج بهيج حجيج فيلمه على ثلاث مساحات وهي مساحة المقهى والكاميرا لا تغادره مطلقا وكل الفيلم مصور داخله، والمقهى الخارجي من الواجهة حتى نلتقط التناقضات الموجودة في المجتمع اللبناني، والمسنان يراقبان ما يجري من أحداث في تقاطع الشارع قبالة المقهى عبر الواجهة الزجاجية، ومساحة الشاشة التي تنقل الأخبار بأنواعها.
يمكن أن نعتبر أن بهيج حجيج اختار المقهى بواجهة مطلة على الشارع، ككاميرا ثانية يراقب من خلالها أبطال الفيلم ما يجري في المجتمع المتغير، الذي لم يعودا فاعلين فيه، حيث يشاهدان التحولات ويعلقان عليها بقولهما: “هذا لم يكن موجودا وقتنا.”
في المقهى هناك جيل آخر، الصحفي الذي يشتغل في الصحافة الالكترونية وهناك الصحفي من جيل الصحافة المكتوبة ، وهنا كأنه انعكاس للتحول في المجتمع والتطور التكنولوجي الحاصل الذي جعل الصحافة المكتوبة تندثر مع مرور الزمن، وهي التي يتخذها بطلا الفيلم متنفسا من خلال لعبهما المستمر للكلمات المتقاطعة.
الفيلم يتبع فكرة أساسية هي الحوار بين الأجيال، رغم أن باقي الشخصيات ليست رئيسية ولكن وجودها ضروري لخلق التفاعل ونقل وجهات النظر المختلفة والتناغم بين الأجيال، يتجلى هذا من خلال مشهد الاهتمام من طرف النادلة بالمسنين.
ويتخذ المخرج فواصل داخل الفيلم لكسر الروتين وتغيير وحدة الزمن، مع الحفاظ على وحدة المكان، ومع مرور كل خمس دقائق تقريبا نشهد تقطعا في إيقاع الفيلم بفواصل جديدة مثل اللغة السينمائية للفيلم التي ليست متواصلة بل متقطعة، ليست قصة تبدأ وتنتهي، بل هي لحظة حياة تختصر في يوم، والانتقال من نهار لآخر هو انتقال بالزمن ووحدة المكان موجودة، هذا الانتقال نجد له صورة جمالية لذلك وجدت هذه الفواصل، للانتقال مثل الكلمات المتقاطعة كفكرة جمالية جيدة أعطت ريتما آخرا للفيلم ومنحت إيقاعا للعمل السينمائي.
بطلا الفيلم غابريال يمين وعادل شاهين، تمكنا من عيش الدور بأداء مقنع وقوي مع إضفاء الطرافة، وعندهما حرفية عالية في التمثيل، وكان خيارا صحيحا لأن الفيلم استند عليهما وتطلب منهما قدرات تمثيلية كبيرة خاصة وأن التصوير في مكان واحد.
بعد التحفظ الجزائري على قمة القاهرة.. مصر تتدارك وتُطلع الجزائر على آخر المستجدات
مولودية الجزائر يتعرض لعقوبات قاسية من قبل "كاف"
عملاق أوروبي يباشر مفاوضات ضمه.. مازة على أعتاب المشاركة في دوري الأبطال
السيسي يبعث رسالة للرئيس تبون ووزير خارجيته يبحث ملفات ثقيلة مع مسؤولين جزائريين
سونلغاز تُنقذ مشروع الجلفة