أثار الكاتب الجزائري الحامل للجنسية الفرنسية كمال داود، ضجة واسعة بعد تتويجه في فرنسا بجائزة غونكور الأدبية لعام 2024، التي تُعدّ أبرز المكافآت الأدبية الفرنكوفونية، عن روايته “Houris” أو “حوريات”.
وتتناول الرواية الحرب الأهلية في الجزائر بين (1992 و2002)، المعروفة بـ”العشرية السوداء”، وهي من أكثر المراحل حساسية في تاريخ الجزائر بعد الاستقلال.
ولد كمال داود، في مستغانم عام 1970، من أب عسكري دركي، وهو الأكبر بين ستة أطفال، ينحدر من عائلة محافظة، إذ كان متأثرا بالإسلام حتى أصبح إماماً في مدرسته الثانوية، وظل على ذلك الحال حتى سن العشرين، قبل أن يبتعد تماماً عن الدين.
الشاب الذي يصف نفسه بـ “الرجل المتمرد” كان الوحيد من بين إخوته الذي درس في الجامعة، وهو خريج معهد الآداب الفرنسية من جامعة وهران.
التحق بمجال الصحافة، إذ اشتغل في مجلة “ديتيكتيف” الأمريكية، ثم في صحيفة “لو كوتيديان دوران” الناطقة باللغة الفرنسية.
ترك كمال داود الصحافة في عام 2016 ليتفرغ للأدب، بعد أن اتهمه البعض بتكريس أفكار عنصرية جاهزة. (يكتب عمودا الآن في مجلة “لوبوان” الفرنسية).
تعد رواية “حوريات” هي الرواية الثالثة لكمال داود والأولى التي تصدر عن دار غاليمار للنشر، ولم تطرح للبيع في الجزائر ولم تُترجم إلى اللغة العربية.
وأصبح داود أول كاتب جزائري يحصل على الجائزة العريقة التي تمنح لأفضل رواية مكتوبة باللغة الفرنسية منذ عام 1903 على يد الأكاديمية الفرنسية.
وفي عام 2014، صدر للكاتب رواية بالفرنسية بعنوان “ميرسو تحقيق مضاد” أو “معارضة الغريب” (Meursault, contre-enquete). تستلهم رواية داود تلك رواية “الغريب” للروائي الفرنسي ألبير كامو التي تعد من أكثر الروايات مبيعا بالعالم.
الرواية أثارت جدلا واسعا في الجزائر بسبب تجاوزات حول مسألة الهوية الجزائرية في بعدها العربي الإسلامي، تتضمن شخصية تسمى “ميرسو” يقتل شخصا آخر اسمه “العربي”، ويحكم على ميرسو بالإعدام، ليس لأنه قتل “العربي”، ولكن لأنه خالف معتقدات ذلك العصر.
في 2014، أطلق داود تصريحات مثيرة تتعلق بموقفه من قضايا اللغة والدين والانتماء، خلال حلوله ضيفا على القناة الفرنسية الثانية ضمن حلقة “لم ننم بعد”.
وصرّح بخصوص هويته العربية “أنا لم أشعر يوما أني عربيا”، وأكد أنه “جزائري وليس عربيا” لأن العروبة ليست جنسية، واعتبر أن “العروبة احتلال وسيطرة”.
كما قال في تصريح له: “اللغة العربية مفخخة بالمقدس، وإننا نحن الجزائريين لسنا عربا، وإن اللغة العربية المقدسة جدا لغة ميتة جدا، وإن الاستعمار الأفقي العربي خلق منا مُستعمَرين. إنني جزائري ولغتي هي الجزائرية وليست العربية.”
وبشأن الدين، اعترف بأنه كان إسلاميا في بداية شبابه بسبب غياب بدائل أيديولوجية أو فلسفية تطرح أمام الفرد الجزائري، وقال إن “علاقة العرب بربهم هي من جعلتهم متخلفين”.
يعرف الكاتب الجزائري بولائه الشديد لفرنسا وكتاباته الناقدة للجزائر، ما اضطره إلى مغادرة مسقط رأسه إلى باريس.
وحصل داود على الجنسية الفرنسية، وقال في تصريح لوسيلة إعلامية فرنسية: “أنا فرنسي أكثر من الفرنسيين“.
وزعم الكاتب في تصريح لمجلة “لوبوان” الفرنسية التي يكتب فيها عمودا، “أنا أتعرّض للهجوم في الجزائر لأنني لست شيوعيا ولا ملتزما بمناهضة الاستعمار ولا معاديا لفرنسا”.