وُضع الكاتب الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال رهن الحبس المؤقت، استنادا إلى المادة 87 مكرر من القانون الجنائي الجزائري، وفقا لما أفاد به الإعلام الفرنسي.
ولحد كتابة هذه الأسطر، لم تُصدر الجهات الرسمية الجزائرية أية معلومة حول القضية التي أثارت زوبعة حول فلك اليمين الفرنسي المتطرف وفرنسا الرسمية، باستثناء تأكيد وكالة الأنباء في مقال سابق اعتقال هذا الأخير.
ولمعرفة ما قد تؤول إليه قضية صنصال من الناحية القضائية، تواصلت منصة “أوراس” مع مختصّين قانونيين، في ظل تضارب الآراء حول إمكانية إدانته بالسجن المؤبد، وعمّا إذا كانت جنسيته الفرنسية طوق نجاة له.
رجّح الخبير الدستوري موسى بودهان، أن يكون بوعلام صنصال قد اقترف العديد من الجرائم، بعضها منصوص عليه في قانون العقوبات (الأمر 66-156 المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم)، بالإضافة إلى جرائم أخرى منصوص عليها في القانون 20-5 الصادر في أفريل 2020، المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما، إلى جانب قوانين أخرى.
وأشار موسى بودهان في اتصال مع أوراس”، إلى أن المادة الثانية من القانون المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية، عرّفت بشكل مفصّل ما يُصنف في خانة خطاب الكراهية وما يُنف ضمن التمييز.
وأبرز محدثنا أنه وفقا لما أفادت به وكالة الأنباء الجزائرية، فإن المشتبه به أدلى بتصريحات وكتابات وتدخلات بفرنسا، التي “تُعتبر العدو الدائم للجزائر”، وصنصال تعامل معها وتآمر معها ضد أمن ومصالح الجزائر.
وتابع: “صنصال في كتاباته شجع وبرر التمييز والازدراء والإهانة والعداء والبغض والعنف وغيرها من الإجراءات التي وجهها للجزائر وللجزائريين”.
واستشهد المتحدث على سبيل الذكر لا الحصر، بتصريحات صنصال المتعلقة بنسبه ولايات جزائرية إلى المخزن، وقوله بأن الجزائر لم تكن يوما أمة، ليؤكد بأن هذه التصريحات تدخل في إطار ما نصت عليه المادة الثانية من القانون المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتها.
وبعد أن شرح لنا الخبير الدستوري موسى بودهان، الجرائم التي اقترفها بوعلام صنصال، استبعد أن يلجأ القضاء الجزائري والنيابة إلى القانون المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما لأن العقوبات الواردة فيه غير مشددة، مرجحا أن يلجأ القضاة إلى تفضيل قانون العقوبات لأنه أشد صرامة.
وتابع: “عقوبات هذا القانون لا ترقى إلى مستوى الردع”.
وأشار محدثنا، إلى أن هذا القانون ينص على عقوبات مخففة على غرار الحبس لـ6 أشهر إلى 3 سنوات مع غرامة مالية من 60 ألف دينار إلى 300 ألف دينار.
في حين تنص المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، تنص على أنه يعتبر فعلا إرهابيا أو تخريبيا في مفهوم هذا الأمر كل فعل استهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية والاستقرار المؤسساتي وسيرها العادي، وهي تشمل ما اقترفه صنصال في حق الجزائر، يضيف موسى بودهان.
وأبرز المتحدث، أن المادة 87 مكرر 5 تنص على أنه يعاقب بالحبس من سنتين إلى 5 سنوات وبغرامة من 200 ألف إلى 500 ألف دينار جزائري كل من يوزع أو يعرض أو يضع للبيع منشورات أو نشرات أو منشورات أو تسجيلات صوتية من شأنها المساس بالمصلحة الوطنية، مشيرا إلى أن هذه المنشورات أو التسجيلات وغيرها إذا كانت من وحي أجنبي فالعقوبة تضاعف (أي أن عقوبة 5 سنوات تُرفع إلى 10 سنوات).
ولفت بودهان إلى أن المادة 87 مكرر 17 تنص على أن الجهة القضائية المختصة تأمر بمصادرة العائدات والأموال الناتجة عن هذه الجرائم، مرجحا أن يصدر في حق صنصال حكم مماثل.
وأضاف: “بالإضافة إلى العقوبة التي قد تسلط على بوعلام صنصال والتي قد تصل إلى 10 سنوات والغرامة المالية التي قد تصل إلى مليون دينار جزائري، تقضي المادة بالحرمان من الحقوق المبينة في المادة 14 من قانون العقوبات”.
واعتبر الخبير الدستوري، أن القضاة بإمكانهم الحكم بعقوبات تكميلية وفقا للقانون، على غرار الحجر القانوني والحرمان من الحقوق الوطنية، وعزله من جميع الوظائف السامية والحرمان من حق الانتخاب والترشح وباقي الحقوق الوطنية والسياسية وغيرها.
وأضاف بودهان، أن الفصل الثالث من قانون العقوبات بعنوان العقوبات التكميلية، والذي ينص على المنع من الإقامة أو تحديدها الحرمان من مباشرة بعض الحقوق وغيرها.
وأشار محدثنا إلى أن هنالك عقوبات أصلية وأخرى تكميلية يمكن أن يلجأ إليها القضاة إضافة إلى قراراتهم.
يفتح حمل بوعلام صنصال للجنسية الفرنسية، المجال للتساؤل حول ما إذا كانت ستُمكنه من التنصل من عقوبات القانون الجزائري، لاسيما وأن باريس أكدت تحركها بشكل رسمي لضمان الحماية القنصلية لأحد أبرز كتابها المدللين.
في هذا الصدد، أكد أستاذ القانون في جامعة الجزائر، أبو بكر عبد القادر، أن بوعلام صنصال يمتلك الجنسية الجزائرية وهو ما يجعله يُحاكم أمام القانون الجزائري، لا سيما وأنه داخل التراب الجزائري.
وأبرز أبو بكر عبد القادر، في اتصال مع “أوراس”، أنه لو كان في فرنسا، لكان تنصله من التبعات القانونية الجزائرية ممكنا، إلا أنه الآن في الجزائر ويحاكم أمام القانون الجزائري.
وتابع: “وحتى لو كان يحمل الجنسية الجزائرية فقط، هنالك أحكام خاصة في القانون الجزائري بالنسبة للأجانب”.
وأكد عبد القادر، أن صنصال لن تكون له معاملة خاصة على أساس أن فرنسا وراءه، مشيرا إلى أن الجنسية الفرنسية لا تمنح الحصانة من المتابعات والملاحقات ولا تجعل حاملها مواطنا من الدرجة الأولى.
وأضاف: “القانون نفسه بالنسبة للجميع، وصنصال بجنسيته الفرنسية لن يكون استثناءً”.
كما أكد الخبير الدستوري موسى بودهان، أن حمل الجنسية الفرنسية من طرف صنصال لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعفيه من تسليط العقوبات على النحو الذي يقتضيه القانون الجزائري.
وتجدر الإشارة إلى أن المختصين القانونيين والمحاميين يدلون بآرائهم وفقا للقوانين الجزائرية، فيما تبقى الجهات القضائية التي عرضت عليها القضية هي الفاصل في القضية.