span>قطع الأنترنت والسجن وكورونا.. ثلاثية بكالوريا 2020 مراد بوقرة

قطع الأنترنت والسجن وكورونا.. ثلاثية بكالوريا 2020

تميزت بكالوريا 2020 عن سابقاتها في الجزائر باجتماع ثلاثية الوباء وقوانين محاربة الغش والقرار القديم الجديد، المتمثل في قطع الأنترنت على 45 مليون جزائري.

أكثر ما أرق الحكومات المتعاقبة طيلة الخمس سنوات الماضية، في ملف البكالوريا، هو تسريبات المواضيع عبر الشبكة العنكبوتية لدرجة أنها اضطرت، سنة 2016، إلى إعادة الامتحانات وقطع الأنترنت بسبب تسرب الأسئلة على نطاق واسع.

تاريخ التسريبات!

سُرِّبت امتحانات شهادة البكالوريا، لأول مرة بالجزائر، في دورة 1992، حيث كانت السيارات تجوب الشوارع قبل الامتحانات بيوم واحد، وترمي الأسئلة والحلول، وكأنها تلقي مناشير سياسية.

يقول وزير التربية وقتها علي بن محمد، إن التسريبات  كانت جريمة مكتملة الأركان ومع سبق الإصرار والترصد، هدفها الأول الإطاحة به وبمشروعه الرامي إلى إدخال اللغة الإنجليزية إلى المدرسة الابتدائية لمزاحمة الفرنسية.

ويتهم بن محمد، التيار الفرنكوفوني في الجزائر، ومن خلفه فرنسا، بالوقوف وراء تلك التسريبات لتحييده وقتل مشروعه قبل أن يولد، وقد تحقق لهم ذلك، يقول المتحدث.

بعد قُرابة ربع قرن يعيد التاريخ نفسه، لكنه يُغيِّر الأدوار، فهذه المرة المتهم بالتسريبات هم الإسلاميون، والمستهدف هي الوزيرة “الفرنكوفونية” نورية بن غبريت.

بكالوريا 2016 عرفت تسريب أكثر من 7 مواضيع جُلها من المواد العلمية، ورغم ذلك ظلّت الوزيرة بن غبريت، طيلة أيام الامتحانات، تنفي حدوث تسريبات حقيقية للأسئلة، لكنها اضطرت، في آخر يوم، للإقرار بحدوث تسريبات على نطاق واسع، مما دفع الحكومة إلى الإعلان عن دورة استثنائية.

وأفضت التحقيقات الأمنية، فيما بعد، إلى القبض على عشرات الضالعين، بينهم ثلاثة من كبار الموظفين في الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات.

ومنذ دورة 2016، تحول قطع الأنترنت وحجب مواقع التواصل الاجتماعي من الاستثناء إلى أحد أبرز طقوس البكالوريا في الجزائر، ورغم ذلك، تشهد بعض المواد تسريبات يتم في الغالب احتواؤها وأحيانا القبض على مسربيها.

خسائر فادحة

ككل سنة، يستعد المترشحون لشهادة البكالوريا لاجتياز “اختبار العمر”، والامتحان المصيري في نظر كل فرد وعائلة جزائرية، وفي المقابل يستعد أصحاب الشركات والمؤسسات لإحصاء خسائرهم خلال أسبوع الامتحانات، بسبب قرار قطع الأنترنت الذي تتخذه وزارتا البريد والتربية، بغية قمع الغش ومحاربة تسريب الأسئلة.

ولأن ظاهرة الغش أصبحت ظاهرة عالمية، بحثنا في طرق محاربتها لدى الكثير من الدول، فوجدنا أن طريقة التصدي للغش في الجزائر طريقة فريدة من نوعها، لا سيما أنها تؤثر على معظم القطاعات الاقتصادية في بلد تعد حكومته الرقمنة والعصرنة، أحد أهم أهدافها الإستراتيجية.

ويقدِّر الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، يونس قرار، خسائر متعاملي الهاتف النقال فقط بـ150 مليون دولار، خلال أيام قطع الأنترنت، بسبب امتحانات شهادة البكالوريا.

ويستغرب يونس قرار، في حديثه مع أوراس، من إجراء قطع الأنترنت بحجة منع الغش في امتحانات البكالوريا، داعيا المسؤولين عن هذا القرار إلى التفكير في إيجاد حلول حقيقية، بدل اللجوء إلى قرارات سهلة تتمثل في كبسة زر.

وتساءل الخبير ذاته، عن صاحب قرار قطع الانترنت، مؤكدا أنه لا أحد يعلم من هو، ومن يتحمل تبعاته.

وعن سبب عدم إعلان اتصالات الجزائر والشركات الأخرى عن قطع الأنترنت مسبقا، يقول يونس قرار، إن الإعلان عن القطع يساوي بالضرورة التعويض على الخسائر، وهو ما يتهرب منه المتعاملون.

ويقترح الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، أن تبدأ  وزارة التربية في التحضير لبكالوريا 2021 من الآن، والتفكير في إجراءات وأساليب مبتكرة، دون اللجوء إلى الحل السهل الذي يُتَّخذ ليلة الامتحان، وهو قطع الأنترنت على 45 مليون جزائري.

من قاعة الامتحان إلى قاعة الجلسات

أقرت وزارة العدل، بالاتفاق مع وزارة التربية، لأول مرة في بكالوريا 2020، عقوبات قضائية بدل العقوبات الإدارية المعمول بها سابقا ضد الغشاشين ومسربي المواضيع.

وطُبِّقت هذه الإجراءات فعلا منذ أول يوم في الامتحانات، حيث أصدرت وزارة العدل بيانا أكدت فيه تطبيق القوانين الجديدة على مسربي الأسئلة والغشاشين في ولايات قالمة وتبسة والمسيلة وغرداية.

وأثار هذا القرار جدلا واسعا، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصف كثير من الناشطين عقوبة ثلاث سنوات حبسا، بالمبالغ فيها، ومن شأنها أن تدمر حياة ومستقبل شباب كانوا على مشارف الجامعات، ليصبحوا خريجي سجون.

ومن المعروف أن وزارة التربية كانت تطبق عقوبات إدارية على الغشاشين في البكالوريا، تصل إلى المنع من المشاركة في الامتحانات لـ5 سنوات.

شاركنا رأيك