يبالغ العديد من الجزائريين أثناء فترة الصيام في إظهار غضبهم والنرفزة أثناء تعاملاتهم اليومية مع الآخرين، ويعرف الجزائري أنه سريع الغضب في رمضان.
ويتحجج هؤلاء الأشخاص بعدم قدرتهم على التحكم في انفعالاتهم خلال النهار، فهل للصيام حقا تأثير على الغضب أم هي فكرة مرسخة في أذهان الجزائريين؟
الغضب سلوك يلفت الانتباه في رمضان، وكشفت الأخصائية النفسانية والأستاذة في جامعة تيبازة، كريمة خدوسي، في تصريح لموقع “أوراس” أن الغضب موجود في التركيبة الفيزيولوجية للفرد الجزائري حسب بعض الدراسات، وهو سلوك ظاهر في حياته اليومية خارج شهر رمضان.
أما بالنسبة للشهر الفضيل وتحديدا أثناء فترة الصيام فسرت الأخصائية هذا السلوك الانفعالي من تغير المزاج وحتى العدواني من مشاجرات وسب وشتم، أنه مرتب من الناحية العصبية النفسية بنقص الغذاء لدى الجهاز العصبي والمخ وانخفاض إفراز الهرمونات التي لها دور في السعادة.
ويساهم تناول القهوة والتدخين الذي يمثل نوع من مخدرات العقل في الإفراط في الغضب والنرفزة الزائدة.
وأشارت خدوسي إلى أن الحرمان من الغذاء، وكذلك بعض المواد الأخرى مثل السجائر والقهوة، بالنسبة للأشخاص غير المعتادين على الصيام يشكل صدمة للجسم بحيث يكون غير معتادا على هذا النوع من الحرمان لساعات طويلة، لذا يظهر مشكل العصبية والغضب بشكل أكبر في الأيام الأولى من شهر رمضان.
وبعتبر التدخين والقهوة من المنبهات التي لها انعكاسات سلبية على الجسم وعلى انفعالاته خلال الصيام، لذا ينصح كثير الأطباء بالتوقف عنها أو التقليل منها تدريجيا قبل رمضان.
وينهى الدين الإسلامي عن الغضب بشكل عام خاصة في شهر رمضان الفضيل، ويفسد سلوك الغضب والعدوانية صيام المسلم وفقا لإجماع المفتين.
ويتصف الصائم في الإسلام بالحلم والبعد عن الغضب والمشاجرة وعدم الرد على السباب والكلام الفاحش.
إلا أن الأخلاق السليمة لا يتبعها الجميع بالرغم من معرفتهم بالتأثير السلبي للعصبية في خلق المشاكل مع الغير، منها المشاكل الأسرية والتي قد تصل إلى الطلاق بسبب عدم قدرة بعض الأزواج في التحكم الانفعالي.
وفي هذا الصدد دعت الإخصائية النفسية كريمة خدوسي إلى تهذيب النفس والتمسك بالجانب الروحاني لشهر رمضان واتباع القيم الدينية التي تنص على العفو والمغفرة والصبر.
وأضافت خدوسي أن التوعية ضرورية للحد من هذا السلوك الملفت للانتباه خلال شهر رمضان، وتحسيس فئة الشباب بشكل خاص لترسيخ قناعة الصوم عن الشهوات من أجل كسب الثواب.
وتفاديا لوضع صورة متناقضة بين أخلاق المسلم وسلوكه في المجتمع، فإن التشبع بالرضى الروحي لدى الفرد تنفيذا لأوامر الخالق بالصوم، إلى جانب التوعية الاجتماعية، كفيل بالقضاء على هذا التناقض وانعكاساته خلال شهر رمضان الكريم.