مستشار رئيس النيجر السابق يكشف في حوار مع “أوراس” الأسباب والسيناريوهات المحتملة لأزمة الجزائر مع دول الساحل أميرة خاتو

مستشار رئيس النيجر السابق يكشف في حوار مع “أوراس” الأسباب والسيناريوهات المحتملة لأزمة الجزائر مع دول الساحل

  • انسخ الرابط المختص

رغم تصاعد الخطاب السياسي المعادي للجزائر في منطقة الساحل بتحريض من السلطة الانقلابية في باماكو، إلا أن أصوات العقلاء لا تزال تنادي بأهمية الحفاظ على العلاقات الأخوية والتاريخية بين الجزائر وجيرانها في الساحل الإفريقي.

ومن بين هؤلاء، المستشار الخاص لرئيس النيجر محمد بازوم الذي أطاح به الانقلاب العسكري سنة 2023، وحفيد أول رئيس للدولة ذاتها بعد الاستقلال، إبراهيم أبدولاي ديوري، الذي تحدث في حوار خاص مع منصة “أوراس” عن واقع العلاقات بين الجزائر والنيجر بشكل خاص والساحل بشكل عام في ظل التغيرات الجيوسياسية الأخيرة التي تشهدها المنطقة، ومن يغذي هذا الصراع، وما هي سيناريوهات حل الأزمة.

علاقات تاريخية مميزة

أكد إبراهيم أبدولاي ديوري، أن العلاقات بين الجزائر والنيجر، طالما كانت دافئة ومحترمة ومثمرة.

وسلّط ديوري، الضوء، على محطات هامة في تاريخ العلاقات بين البلدين، مبرزا أن أول رئيس للنيجر المستقلة، حماني ديوري، قام بـ3 زيارات إلى الجزائر، الأولى سنة 1963 والثانية سنة 1970، والثالثة في سنة 1971، حيث التقى بالرئيسين بن بلة وبومدين.

وأبرز أنه في عام 1972، حرص الرئيس بومدين هو الآخر على الإقامة في العاصمة النيجرية قبل أن يتوجه إلى مونروفيا.

كما شارك الرئيس ديوري في تدشين أول مقطع من الطريق العابر للصحراء سنة 1973.

ولفت محدثنا إلى أن كل زيارة كانت تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية، والتعاون الاقتصادي، ومناقشة قضايا الاندماج الإفريقي.

وأضاف: “حافظ الرئيس ديوري على علاقات طيبة مع جميع جيرانه الذين يشترك معهم النيجر في الحدود.”

وتابع: “وبفضل صداقته مع ملك المغرب الحسن الثاني وقربه من الرئيس بومدين، ساهم بشكل غير معلن في تهدئة التوترات بين المغرب والجزائر بشأن قضية الصحراء الغربية.”

تعاون استراتيجي على كافة الأصعدة

حدّثنا إبراهيم أبدولاي ديوري عن التعاون الاستراتيجي بين الجزائري والنيجر، سياسيا واقتصاديا وأمنيا وسياسيًا.

سياسيا، يقول حفيد أول رئيس للنيجر بعد الاستقلال، إن أبرز المبادرات هي مشروع إنشاء الطريق العابر للصحراء الذي يعبر جزءًا كبيرًا من صحراء النيجر، وكان الرئيس ديوري ونظيره الجزائري هواري بومدين من أبرز الداعمين له.

إلى جانب الإسهام الكبير على الصعيد الديني سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف، إذ أن البلدين عضوان في منظمة التعاون الإسلامي.

أما اقتصاديًا، فشملت المبادلات بين البلدين المنتجات الغذائية والزراعية، حيث تعد الجزائر مزودًا رئيسيًا بمنتجات مثل المعكرونة، والفواكه، والتمر، والزيوت وغيرها.

ومن الجانب الدبلوماسي والأمني، بذل الرئيسان بومدين وحماني ديوري جهودًا كبيرة في سبيل حل عدد من النزاعات التي شهدتها إفريقيا.

كما قامت الجزائر بتكوين عدد كبير من الطلبة النيجريين من خلال منح دراسية، وقد أصبح كثير منهم من كبار موظفي الإدارة النيجرية.

وفي مجال الدفاع والأمن، استفاد العديد من ضباط جيش النيجر من تدريبات وتعزيز للقدرات في الجزائر.

وفي مكافحة التهريب عبر الحدود، فإن التعاون بين البلدين صريح وفعّال، يؤكد ديوري.

أي تأثير للأزمة مع مالي على النيجر؟

يرى المستشار الخاص لرئيس النيجر المطاح به محمد بازوم، أن هذه الأزمة لم يكن ينبغي أن تحدث.

ويرى إبراهيم ديوري، أن تضامن النيجر وبوركينا فاسو مع مالي غير ملائم كونه لا يساهم في تهدئة التوتر، كما أنه يضع النيجر في موقع شريك في النزاع.

وأردف: “كنت أُفضّل أن تقترح النيجر وساطتها وتدعو إلى ضبط النفس لتجنب هذا التصعيد الدبلوماسي الذي لا يخدم مصالحها”.

لماذا يعادي انقلابيو الساحل الجزائر؟

في جوابه على سؤالنا المتعلق بأسباب اتخاذ الانقلابين في منطقة الساحل موقفا عدائيا تجاه الجزائر.

استشهد محدّثنا بمقولة لوزير الداخلية الفرنسي الأسبق شارل باسكوا، “عندما تكون في ورطة بسبب قضية ما، افتعل قضية داخل القضية، وإذا لزم الأمر قضية أخرى، حتى لا يفهم أحد شيئًا.”

من هذا المنطلق أوضح ديوري، أن الانقلابيين في منطقة الساحل يواجهون واقعًا قاسيًا، مشيرا إلى أن الدول الثلاث غارقة في أزمة اجتماعية ودبلوماسية وسياسية وأمنية عميقة، يتم تسييرها عبر شعارات تتهم الدول المجاورة واحدة تلو الأخرى بمحاولة زعزعة استقرارها.

وذكر المتحدّث أنه سبق لهؤلاء الانقلابيين وأن اتهموا بنين، التي لا تزال حدودها مع النيجر مغلقة، وكذلك نيجيريا، وساحل العاج، وفرنسا وغيرهم.

وأضاف: “ويعكس هذا السلوك ببساطة عدم قدرتهم على تسيير دول وجدوها مستقرة وفي سلام مع جيرانها.”

 

在 Instagram 查看這則貼文

 

Awras | أوراس(@awrasmedia)分享的貼文

قوى إقليمية وراء ذلك؟

من وجهة نظر إبراهيم  أبدولاي ديوري، الخطر الرئيسي هو روسيا من خلال وكلائها المتمثلين في مجموعة فاغنر، دون الإشارة إلى أطراف أخرى.

كما اعتبر أن التحالفات الحالية بين انقلابيي الساحل ، يأتي من وراء رغبتهم في البقاء في السلطة إلى أجل غير مسمى.

مصالح اقتصادية كبرى

يقول ديوري إنه هناك مصالحا اقتصادية كبيرة بين الجزائر والنيجر، ففي المجال الطاقوي، وقع البلدان مؤخرًا اتفاقيات في مجال المحروقات، إلى جانب العديد من المشاريع التي كانت على وشك الانطلاق مثل بناء مجمع للبتروكيماويات.

وأشار إلى أن حكومة الرئيس بازوم قد بادرت قبلهم بتحرك دبلوماسي في الجزائر، حيث زار الدولة الجزائرية بالفعل في يوليو 2021.

التعاون الأمني مطلوب بإلحاح

شدد المستشار الخاص للرئيس السابق محمد بازوم، على ضرورة تعزيز التعاون في مجال الاستخبارات، مشيرا إلى أن مفتاح أي حرب، سواء كانت تقليدية أو غير متماثلة، يكمن أساسًا في المعلومات الاستخباراتية.

وأضاف: “الجزائر، التي لها خبرة طويلة في مواجهة  الإرهاب لأكثر من عقد، يمكن أن تقدم خبرتها للنيجر، ولم لا أيضًا دعمًا لوجستيًا.”

سيناريوهات حل الأزمة

أكد محدثنا، أن الحوار هو السيناريو الوحيد لحل الأزمة الحالية، داعيا إلى اختيار وسيط خارجي لا ينتمي إلى هذه الدول الأربع التي تشهد أزمة دبلوماسية، في إطار الاتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة، وهما الهيئتان الوحيدتان اللتان تحظيان بالحياد.

في حين يرى أن لجنة حكماء يقودها رؤساء دول سابقون معروفون بخبرتهم في حل النزاعات يمكن أن تلعب دور الوسيط لحل الأزمة.

بالنسبة للنيجر فهو واجب

أما بالنسبة للعلاقات الجزائرية النيجرية، يرى ديوري أن الحوار بينها ليس خيارا بل واجبا، مشيرا إلى أن الجزائر بلد شقيق وهناك عدة مجتمعات (الطوارق والعرب وغيرهم) يعيشون معا على الحدود بين البلدين.

تداعيات انهيار العلاقات

يؤكد المتحدث، أن أي انهيار للعلاقات بين الجزائر والنيجر، سيؤزم الأوضاع الأمنية، حيث سيتراجع مستوى التحكم في التهريب العابر للحدود، خصوصًا تهريب المخدرات، وستتجمد تلقائيًا كل المشاريع الصناعية الجارية، معتبرا انهيار العلاقات ضربة قوية للدبلوماسية.

شاركنا رأيك