شهدت مناقشة مشروع قانون المالية مظاهر دخيلة وغير مألوفة في المجلس الشعبي الوطني، كما كشفت تناقضات في تصريحات الحكومة.
بدت قاعة جلسات الغرفة السفلى للبرلمان شاغرة، لولا التزام بعض نواب الموالاة بالحضور للاستماع لعرض وزير المالية، والمساهمة في مناقشة مواد القانون الأهم بالنسبة للجزائريين، باعتباره يحدد السياسة المالية للبلاد طيلة السنة القادمة، خاصة في هذه المرحلة الحساسة بجانبيها السياسي والاقتصادي.
الموالاة شبه غائبة
غياب نواب المعارضة لم يعد جديدا فهو سلوك معتاد، خاصة بعد مقاطعة جزء منها للعمل البرلماني على خلفية تزكية الرئيس الجديد للمجلس الشعبي الوطني وموقفهم من حكومة بدوي، لكن غياب الموالاة لفت الانتباه وأثار عدة تساؤلات حول سببه، وهم الذين عودوا الرأي العام على الحضور بقوة للاستماع لعرض الوزراء.
تنويع مداخيل الخزينة.. الإجماع
استمرار الحكومة في اعتمادها على المحروقات كمصدر وحيد للريع، أثار امتعاض النواب المتدخلين، وهي النقطة التي أجمعوا عليها، كما استفسروا عن الوعود التي ظلت تتغنى بها الحكومات المتعاقبة حول التوجه نحو تنويع مداخيل الخزينة العمومية.
في السياق، قال النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي حكيم بري، إن الوضعية الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الوطني تستوجب حلولاً تركز على تنويع المداخيل خارج المحروقات، عوض رفع الإيرادات الجبائية التي يدفعها المواطن، داعياً لرفع الأجر الأدنى المضمون الذي بقي ثابتا رغم ارتفاع الأسعار، وإلغاء الضريبة على الدخل بالنسبة للموظفين البسطاء والمتقاعدين.
السيارات المستعملة
وطالب نواب في البرلمان برفع عمر السيارات المستعملة من ثلاث إلى خمس سنوات، وإضافة بند استيراد السيارات النفعية وعدم الاكتفاء بالسيارات السياحية.
كما دعوا إلى تعديل دفتر الشروط الخاص بتركيب السيارات، وإضافة بند يُجبر أصحاب ًالمصانع على تطبيق هذا المطلب ميدانيا.
تناقضات
أثارت تصريحات أعضاء الطاقم الحكومي لغطاً واسعاً، وهو ما سلط عليه النائب البرلماني مصطفى ناسي الضوء، مشيرا إلى أن قانون المالية الحالي أورد نصوصا تتحدث عن استمرار سياسة دعم القمح، وهو ما يتناقض مع تصريحات وزير التجارة سعيد جلاب التي أكد فيها أن الجزائر حققت اكتفاء ذاتيا.
وأشار ذات المتحدث إلى التحديات الكبيرة التي ستواجه الرئيس القادم في ظل الوضع الحالي، والعمل بقانون مالية لم يشارك في صياغته، مبديا استغرابه من اتخاذ قرار التوجه نحو الاستدانة الخارجية كقرار مصيري وهام قد لا يتوافق مع موقف الرئيس القادم.
في السياق ذاته، اعتبر النائب عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، القانون الحالي لا يختلف عن سابقيه، الأمر الذي دفع به إلى تسميته بقانون “القضاء والقدر وطبع النقود”، الذي يعتمد أساسا على مداخيل ريع المحروقات بنسبة 89 بالمائة، حيث لم ينوع في المداخيل.
طبع النقود
لا يزال قانون المالية يعتمد على سياسة طبع النقود رغم تصريحات الوزير الأول نور الدين بدوي، التي أشار فيها إلى مراجعة الحكومة لهذه السياسة، وهو ما أكده النائب لخضر بن خلاف الذي كشف عن طبع ما يزيد عن 60 مليار دولار عكس ما روجت له حكومة بدوي، كما قال المتحدث ذاته، إن احتياطي الصرف سينزل إلى 51 مليار دولار تقريباً، أي ما يكفي لضمان قوت الجزائريين لمدة 15 شهراً، وتساءل: “كيف نضمن قوت الجزائريين مستقبلا بعد نفاذ هذا الاحتياطي في ظل الظروف المالية الصعبة، نجد الحكومة قد منحت بعض المغريات للمواطنين وبعض المنح التي كانت مرفوضة للمواطنين في عهد بوتفليقة، وتمثل عبئا وتزيد عجزا يتحمل مسؤوليتها الرئيس القادم وحكومته”.