span>رحابي لـ “أوراس” : السلطة لم تدفع بأي مرشح للرئاسيات أم الخير حميدي

رحابي لـ “أوراس” : السلطة لم تدفع بأي مرشح للرئاسيات

 

كشف الديبلوماسي والوزير الأسبق، عبد العزيز رحابي، في لقاء مع  أوراس، عن وجود لوبيات داخل السلطة دفعت بأحد المترشحين -رفض ذكر اسمه- لخوض غمار رئاسيات 12 ديسمبر، نافيا وجود مرشح للجيش كما يشاع في الساحة، كما تحدث عن خطورة القرارات التي تتخذها حكومة بوتفليقة الحالية” بدوي” والتي تتدخل في صلاحيات الرئيس القادم بسنها لقانوني المالية والمحروقات، وندد ذات المتحدث بالاعتقالات والتضييق الممارس على الحريات، داعيا السلطة إلى إتخاذ إجراءات تهدئة كما طالبت بها المعارضة في عين البنيان، مستبعدا حدوث أي صدام بين الجيش و الحراك باعتبار أن هذا الأخير محافظ على سلميته الى درجة كبيرة .

 هل نحن متوجهون نحو الصدام مثلما هو حال العراق ومصر؟

لا أعتقد ولا أتصور ولا أتمنى أي صدام يحصل في الجزائر، لعدة أسباب أولهما الطابع السلمي للحراك، فضلا عن وجود طبقة سياسية مسؤولة دعت إلى ضرورة الحفاظ على الطابع السلمي للمسيرات منذ البداية، أضف لها الشعور المشترك في المجتمع الجزائري على الطبيعة التدريجية للإصلاحات وهو مبدأ مهم، فالقطيعة مع النظام السابق ضرورية لكنها تنطلق من داخل المؤسسات وفي إطار قانوني، ناهيك عن ووجود انتخابات رئاسية تجري في ظروف لا أتمناها في ظل التضييق على العمل السياسي والصحفي.

 ما هو دور من أسماهم رئيس العدالة و التنمية عبد الله جاب جاب الله بـ” عقلاء الجزائر” الذين دعاهم الى التدخل لتحييد البلاد من مسار خطير ؟

أنا مبدئيا لا أعلق على تصريح الغير، لكن الوضع الذي تعيشه الجزائر غير عادي و مخاطره كبيرة، لذلك من مسؤولية كل الجزائريين حكومة مجتمعا مدنيا، معارضة و صحفيين أن يجتهدوا جميعا لتحقيق التهدئة، كما أن التنازلات يجب أن تكون متبادلة، ليس فقط من قبل الحراك والمعارضة، ولكن أيضا من قبل السلطة التي لا تزال في تعنتها بإبقائها على حكومة بوتفليقة منذ 8 أشهر مثلا ، وتحييد البلاد من التدخل الأجنبي ينبع من قوتها الداخلية، هذه الأخيرة لا تتحقق إلا من خلال اتفاق سياسي وإجماع وطني.

في ظل التمسك بهذه الظروف، هل نفهم أن هناك مقاومة للتغيير؟

بالطبع، هناك مقاومة للتغيير أولا لأن الناس تخاف التغيير وليست مستدركة لقيمته، بالإضافة لوجود جهات لديها مصالح من بقاء هذا الوضع، فضلا عن عدم وجود ثقافة سياسة أولويات لدى الأطراف المعنية بالحل.

ما هي أولويات المرحلة الحالية باعتقادك؟

وأعتقد أن أول الأولويات هو استقرار بلادنا و استرجاع الثقة بين السلطة والشعب، ثم الذهاب نحو الانتخابات بشروط كنت طرحتها، في هذه الحالة حتى ولو كانت نسبة المشاركة في الانتخابات ضعيفة، يمكن للسطة تداركها باتفاق سياسي شامل، يكسر ما كان عليه الوضع في عهد بوتفليقة الذي لم يخاطب النواب في البرلمان ولم يلتق أي حزب سياسي طيلة 20 عاما.

هل هناك عدم فهم لماهية السلطة؟

السلطة لا تنحصر في التعيين وتغيير الإطارات، بل أن تكون هذه الأخيرة مقبولة لدى الجزائريين، وتجتهد لحل مشكلاتهم اليومية، كما هو الحال في الأنظمة التي يحاسب فيها الحاكم، ويراقب فيه الشعب استعمال المال العام من خلال منتخبين، هذه نقاط أساسية للخروج من نظام سابق إلى نظام جديد يتوافق مع ما يطلبه الحراك، نحن حاولنا لم شمل الطبقة السياسية للخروج باتفاق سياسي شامل، لكن مع الأسف الشديد ولاعتبارات كثيرة تسرعنا قليلا في تنظيم الانتخابات.

لماذا تصد السلطة أبوابها في وجه المعارضة؟

لأن السلطة لا تملك ثقافة التفاوض مع المعارضة، بل تفكر بمنطق إما أن تكون معي أو أنت ضدي، كما أن هذا النظام اختلس الوطنية واختصرها في موقفه، فبرزت ثقافة سياسية مخيفة وخطيرة على الجبهة الداخلية تقوم على التخوين والتخويف، اللتين تبثان الشك بين الجزائريين، وهو ما لمسناه أحيانا حتى في الخطاب الرسمي، فضلا عن بعض الشعارات في الوسائط الاجتماعية والحراك، يدل هذا على أننا لم نحدد عمق الأزمة ولا أولوياتها، و أن الصراع محتدم حول السلطة، بين من يريد البقاء فيها ومن يريد الوصول إليها دون تنازلات من الطرفين.

ما موقفك من ترشح رموز النظام البوتفليقي للرئاسيات ؟

إذا لم تتقدم شخصية معارضة لخوض غمار هذه الانتخابات تضفي نسبة من المصداقية، وتركت الساحة السياسية فارغة لهم وحدهم يمكن القول أن الانتخابات انتهت قبل أن تبدأ، لأنها ستتحول إلى عملية إدارية لتمديد عمر نظام بوتفليقة ونكون في عهدة رئاسية خامسة، لذلك أنا أعيب شيئا ما على الطريقة التي تعاملت بها قيادة الجيش عندما تسرعت في استدعاء الهيئة الناخبة دون الوصول الى اتفاق سياسي شامل، قد تكون لديها معطيات لا نعرفها إلا أنها لم تتحدث عن أسباب تسريعها للعملية الانتخابية بسبب طبيعة النظام الجزائري المغلوق على نفسه.

هل يعني ذلك أن تحييد هذه الأحزاب من المشاركة في الرئاسيات هو الأجدر ؟

أنا لا أتصور أي شكل من أشكال الإقصاء في السياسة بما في ذلك القوى السياسية الموالية لبوتفليقة، فكل تجارب الإقصاء للقوى السياسية فشلت في العراق، سوريا، ليبيا وتونس، لكن هذا لا يعطي الضوء أخضر لهم لاستعمال إمكانيات الدولة والمال الفاسد في حملاتهم الانتخابية، فالعدالة هي من تفصل، وما يجب أن تفعله هذه القوى السياسية، أن تأخذ مسؤولياتها من الداخل بتجديد قياداتها وتغيير خطاباتها وتستنتج العبر من الرسائل السياسية التي عبر عنها الحراك الشعبي.

هل تؤمن فعلا بوجود مرشح للسلطة كما يروج له حاليا كما هو الحال بالنسبة للمترشح عبد المجيد تبون؟

دون ذكر الأسماء، لا أؤمن بوجود مرشح للسلطة كما يشاع حاليا، لكنني أؤمن بأن هناك جماعات ولوبيات داخل السلطة تدفع بمترشح ما لخوض غمار الرئاسيات.
لماذا فشلت المعارضة في إبراز مرشح توافقي؟

فكرة المرشح التوافقي جيدة، كانت موجودة وسعت بعض الشخصيات داخل المعارضة لتحقيقها، إلا أنها صعبة جدا لأنها تحتاج إلى عمل سياسي كبير وووقت أطول مما أتاحته الانتخابات، كما أن المعارضة متباينة المواقف من الانتخابات بين من يشارك ويقاطع، ناهيك عن أن فكرة المرشح التوافقي تضعه ملزما بهذا الاتفاق مع الأحزاب بعد الانتخاب لا مع المنتخبين فقط، ثم إن الجزائر لا تزال بعيدة عن ثقافة التوافق التي برزت في دول أخرى.

لماذا الجزائر بعيدة عن فكرة التوافق؟

في الجزائر لا يزال التحالف مبنيا على المناصب لا الملفات، عكس ما هو موجود في الدول التي نجحت في بناء سياسة التوافق التي تقوم في أصلها على الاجماع في الرؤى حول معالجة الملفات المختلفة في الصحة، الاقتصاد، السياسة الطاقوية، البيئة والأمن الداخلي والقومي.
الجزائر الآن تبلور ثقافة جديدة فرضت نفسها، والدليل على ذلك اجتماع المعارضة بعين البنيان بكل أطيافها بعيدا عن الخلافات الإيديولوجية، والفضل يعود للحراك الذي كان هو محركها.

ما موقفك من السلطة المستقلة للانتخابات؟ وهل هي ضمان كاف لنزاهة الاستحقاق الرئاسي؟

لا أعرف حقيقة هذه السلطة، وما أعرفه أننا اقترحنا في عين البنيان سلطة دائمة مستقلة عن الإدارة بشروط تحقق استقلاليتها ميدانيا، فهي من تضبط المنظومة الانتخابية من البداية إلى النهاية، بطريقة مماثلة لدول أخرى تمكنت من ابتكار سلطات مستقلة عن الإدارة ونجحت بعد أن كانت تعاني من تزويرهذه الأخيرة.

هل تعتقد أن الإدارة بعيدة اليوم عن الانتخابات؟

الإدارة لا تزال كما هي، فلا يمكن أن تتغير في ظرف 7 أو 8 أشهر، وحكومة بوتفليقة التي نظمت انتخابات 2014 هي من تنظم الانتخابات اليوم، لكن حجم التزوير لن يكون بنفس الحجم في الاستحقاقات التي سبقت، لأنها تدرك أنها تحت مجهر المواطن اليوم، فبفضل الحراك الذي نقلنا من مرحلة الشعب يخاف السلطة إلى مرحلة السلطة تخاف الشعب، ومع هذا لا أحكم على النوايا، فمن الممكن أن يختلف هذا الاستحقاق من ناحية الشكل ولكن ليس بالطريقة التي كنت اقترحتها في عين البنيان.

أعلنت سابقا عن عدم ترشحك للرئاسيات ما هو سبب هذا القرار؟

رفضت الترشح لعدة أسباب، أولهما أنني كنت أنادي إلى انتخابات رئاسية كحل أولي للخروج من الأزمة، وبتحقيق بعض الشروط ، على رأسها رحيل حكومة النظام البوتفليقي، إطلاق سراح معتقلي الرأي، فتح السمعي البصري ورفع الضغوطات على العمل الصحفي والقضاة، هي شروط غير متوفرة لحد الساعة، ننتظر من السلطة توفير مناخ وبيئة للانتخابات الرئاسية، فهي مهمة لتحقيق الثقة للسلطة.

ما حقيقة توجهك نحو إدارة الحملة الانتخابية لأحد المترشحين؟

لا، ليس لدي أي نية في إدارة الحملة الانتخابية لأي مرشح، ولم أتصور يوما أن أدير حملة انتخابية لأحد وأتمنى التوفيق للجميع، أدرت حملة انتخابية في 1999 لما كنت زيرا للاتصال من ناحية الإعلام، وكانت أقوى وأعدل مقارنة بالوقت الحالي، فكل القوى السياسية كانت لديها مساحتها الزمنية في التلفزيون بدون استثناء.
حكومة بدوي اتخذت عدة قرارات
هذه حكومة بوتفليقة التي تملك صلاحيات أكبر من صلاحيات سلال وأويحيى مجتمعين، و هي من تنظم الانتخابات ما بعد بوتفليقة، ولهذا طلبنا أن تتولى هذه الأخيرة مهام تسيير يوميات المواطن ولا تربط الرئيس القادم بالتزامات داخلية ودولية قد لا يوافق عليها ويتراجع عنها، كما أن سن مثل هذه القوانين يعتبر مساس بصلاحيات الرئيس القادم.

كيف ترى الجزائر بعد 12 ديسمبر؟

طبيعتي متفائل، أثق في عبقرية الجزائريين و قوتهم على الصبر والتحمل ومقاومة الظروف الصعبة، أعرف أن مهمة الرئيس ما بعد 12 ديسمبر ستكون صعبة جدا، لم شمل الجزائريين، إرساء الثقة بين الحكومة والشعب، خلق توافق بين كل القوى السياسية، تفادي سياسات الاقصاء التي تخلق التوتر في تسيير أمور الدولة بشفافية تامة ومراقبة المال العام، كما أن قنابل موقوتة تنتظر الوافد الجديد لقصر المرادية بسبب سياسات الوعود التي اتبعها النظام السابق كما حصل في انتخابات الوعود2014 عام.

وماذا يجب أن يكون إذن؟

يجب أن يقف الرئيس القادم على حقيقة ما هو موجود ويبلغه للشعب دون تزييف، ما هي الإمكانات، الأهداف والتضحيات التي نطلبها من المواطن ونتقاسمها معه كما نتقاسم الثروات، بالإضافة إلى تحقيق عدالة نزيهة وجزائر قوية كما يحلم بها الجميع، والحراك كان فرصة تاريخية بلور فيها فكرا سياسيا جديدا وإجماعا وطنيا فاق كل الإيديولوجيات، فكر يقوم على مبدإ المساواة وتكافؤ الفرص، يبني وطنه من خلال التنمية وتحسين وضع القطاعات ورفع الأداء والعدالة النزيهة وغيرها من الأفكار التي الراقية.
هل سيحقق الرئيس القادم الإصلاحات المطلوبة من الحراك والطبقة السياسية؟
عهد الرئيس الملك الجمهوري ولى، لأن الوافد الجديد على قصر الرئاسة سيكون تحت المجهر.

ما موقفك من التضييق الممارس على الحريات و الاعتقالات؟

أمر غير مقبول، فهذه الممارسات تضع نجاح تجربة الانتقال الديمقراطي على المحك، كما لا يمكن للانتخابات أن تنجح في ظل الاعتقالات والمضايقات على الحريات والإعلام حتى الخاص، أنا مبدئيا ضد أي اعتقال على أساس التظاهر، فمنع الاشخاص من حرياتهم على أساس تظاهرات أو تصريحات لا يخدم العدالة التي توظف أحيانا سياسيا، ولا يخدم مسار التطبيع في الجزائر، ولهذا دائما ما أطلب إجراءات التهدئة، خاصة احترام حرية الرأي حتى عند للصحفيين لتمكينهم من ممارسة عملهم بكل مهنية، فالعملية السياسية لا يمكن أن تنجح دون حرية الرأي.

ما مخاطر فرض سياسة الإعلام أحادي الاتجاه؟

إن التعامل بسياسة متوازنة تضمن نقل آراء جميع الأطراف، تنتج مواطن متوازن في رأيه، بينما التعامل مع الرأي الواحد يخلق رأيا راديكاليا وهو ما يساهم فيه الاعلام العمومي خلال هذه المرحلة.
ما هو سبب فشل الحكومات المتعاقبة في تنظيم القطاع وحماية الصحفي من هراوات الشرطة؟
الإرادة السياسية أساس كل شيء، أنا أستطيع مقارنة الوضع بما سبقه، هناك رؤساء يدركون أن الإعلام آلية من آليات السلطة ويرفضون تمجيدها لهم، بينما يرى البعض الآخر، أن الاعلام موظف عنده يستغله لصالح سياساته للبقاء في السلطة وهو ما حصل مع نظام بوتفليقة.

كيف ذلك؟

أنا تعاملت مع بعض رؤساء الجزائر، ففي عهد الشاذلي بن جديد مثلا انطلقت الصحافة المستلقة في الجزائر، وفي فترة حكم زروال تم فتح السمعي البصري للمعارضة وسن قانون الإشهار و سبر الآراء، بل رفع الحجز عن 34 جريدة موقفة بعد موافقته عليها بطلب مني، كما فتح المجال لاستيراد الصحف الأجنبية، عكس نظام بوتفليقة الذي أضعف المنظومة الإعلامية دون أن يدرك أنه أضعف البلد باستغلالها، إذ لا يمكن لها الدفاع عن الجزائر بسبب سياساته رغم ما فيها من إطارات وكفاءات.

الناطق باسم الحكومة حسن رابحي تحدث عن وجود جهات مغرضة ضد مصلحة البلاد، في تعليقه على مشاركة نائب فرنسية في مسيرات الطلبة ببجاية؟

لا يحق لأي ممثل دبلوماسي أن يتظاهر أو يبدي رأيه حول أمور داخلية بامتياز، و في حراك سلمي لم يطرح أي مشاكل أمنية أو مخاوف على الخارج، وهل يعقل أن ينتظر الملايين من المتظاهرين تأييد برلماني أوروبي واحد للدفاع عن مطالبهم.

ماذا عن تصريحات أحد أعضاء البرلمان الأوروبي ببلجيكا؟

لا أفهم لم قامت القيامة في تصريح أراه لا حدث لبرلمانية من بلجيكا في برلمان يضم أكثر من 1000 نائب، أحيانا نوظف جهدنا في غير محله، ثم إن طلب التغيير جزائري داخلي بامتياز لم يفرض علينا من الخارج.ما مدى قدرة الأجندات الأجنبية التأثير على  الجزائر ؟
لا نعيش وحدنا في هذا العالم لدينا حدود مشتركة وعلاقات اقتصادية مع أغلب دول العالم، التي تراقب ما يجري في الجزائر بحكم مصالحها، وهو شيء طبيعي، ولكن هذا لا يمنع الجزائريين من أن يجتهدوا للوصول إلى حل جزائري بامتياز.

ماهي إمكانيات مقاومة التدخل الأجنبي؟

لا نملك منظومة إعلامية وطنية مؤهلة تدافع على مواقف وصورة الجزائر ومطالب الحراك، ما يدفع المواطن الجزائري إلى استهلاك المنتوج الاعلامي الأجنبي وعلى هذا الأساس يتم إضعاف الجبهة الداخلية، فليس الحراك هو من يضعف الجزائر بقدر ما تضعفه هشاشة المنظومالإعلامية، فضلا عن عدم تحقيقنا للاكتفاء الذاتي، إذ نستورد 70 بالمائة من القمح و50 بالمئة من الحليب والألبسة والسيارات، وهي النافذة التي تسهل التدخل الأجنبي بكل أشكاله

التعليقات مغلقة