span>أول حكومة لتبون.. تصريف الأعمال أم تسيير أزمة؟ فريدة شراد

أول حكومة لتبون.. تصريف الأعمال أم تسيير أزمة؟

أثار إفراج رئاسة الجمهورية عن التشكيل النهائي لحكومة عبد العزيز جراد، الكثير من ردود الفعل المؤيدة والمعارضة والمستغربة من عدد أعضائها الذي بلغ 39 وزيرا بين منتدب وكاتب.

الحكومة الجديدة عرفت بعث وزارات سابقة وإنشاء أخرى جديدة، على غرار الفلاحة والبيئة الصحراويتين، التجارة الخارجية، الصناعة الصيدلانية، الصناعة السينمائية والإنتاج الثقافي. فيما تبقى أبرز الملاحظات هي حجب حقيبة نائب وزير الدفاع الوطني التي كان يحملها في الفترة الأخيرة الراحل الفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش الوطني الشعبي.

وفي حديث لأوراس مع مجموعة من الخبراء الاقتصاديين والسياسيين، أبدوا استغرابهم من عدد الطاقم الحكومي وكذا استحداث 17 وزارة جديدة.

حكومة الكوطات والدوائر الخفية

وصف أستاذ العلوم السياسية صخري سفيان، حكومة تبون الأولى بالمتناقضة بسبب رفعه لعدد الوزارات من 22 إلى 39 في وقت تعيش البلاد أزمة مالية حادة، وقال: “كان من المفروض أن يلجأ الرئيس إلى المركزية في القطاعات الوزارية، خاصة أن جل الوزارات المنتدبة المستحدثة كان بالإمكان أن تكون وكالات تابعة لوزارات معينة” حسبه.

وواصل صخري هجومه على التشكيل الحكومي الجديد بقوله: “بعض التعيينات أعطت انطباعا على وجود سياسة ملء الفراغ أو جاءت لإرضاء دوائر معينة، لأنه من غير المعقول بصفة ميدانية أن نقوم باستحداث وزارات منتدبة في ميادين كان بإمكان أن تكون في إطار وكالات متخصصة أو مراكز بحث، لكن ليست مستقلة في حد ذاتها”.

من جهته، عبر نائب المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الشورى الوطني لجبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، عن استهجانه لرفع عدد الوزارات في ظل الوضع الذي تعيشه الجزائر من أزمة مالية وسياسية فُرضت على الشعب الجزائري منذ 2014.

كما استغرب النائب ذاته، اللجوء إلى هذا الإجراء “أين تُقلص كل بلدان العالم المتقدمة عدد الوزراء، حيث أصبح في الدول الكبرى لا يتجاوز 15 وزيرا، مع جمع الكثير من القطاعات المتقاربة مع بعضها، يُفاجؤنا هذا العدد الكبير من الوزارات في الحكومة الأولى لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون”، على حد قوله.

الحكومة تستنزف الثروة بدل خلقها

اعتبر الخبير الاقتصادي صالح صالحي، أن من وضع 39 وزارة في ظل الأزمة المالية الحالية التي تمر بها البلاد الأكيد أنه يعلم من أين سيُمولها، مشددا على ضرورة الإسراع في تحديد نفقات الوزارات المستحدثة سواء في التجهيز أو التسيير، ومنه سيتم حسبه إعادة تقسيم كل ميزانيات مؤسسات الدولة الجزائرية حسب التقسيم الجديد والمقدر بـ 39 وزارة.

وقال رئيس مجلس الشورى لجبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف إن الوعود الـ 54 التي قطعها الرئيس على نفسه تحتاج موارد مالية كبيرة جدا من أجل تحقيقها، ما يعني أن الحكومة ستُضطر إلى قانون المالية التكميلي 2020، مرحجا الاستمرار في طبع النقود كمرحلة أولى في انتظار إيجاد موارد مالية في المستقبل خارج المحروقات، سواء باسترجاع الأموال التي نُهبت أو استرجاع أموال القروض الممنوحة.

وأوضح المتحدث ذاته، أن طبع النقود في المرحلة الحالية هو حل لا مفر منه، مؤكدا أن الحكومات المتعاقبة تتلاعب وتقول أنها تريد إيقاف طبع-صك- النقود لكنها في ذات الوقت لا تسعى إلى تغيير قانون النقد والقرض.

ومن جهته، قال صخري: “إن استحدث هذا العدد الهائل من الوزارات في هذا الوضع الصعب ماليا الذي تمر به البلاد سيؤدي إلى صعوبة تمويلها، ومنطقيا  يجب أن “تخصص الحكومة ميزانيات خاصة لهذه الوزارات المستحدثة ما يعني استنزاف إضافي لأموال الخزينة العمومية”.

الجدوى الاقتصادية

وأوضح صالح صالحي أنه من الصعب في الوقت الراهن تقييم إجراءات التمويل التي سيعمل بها الوزير الأول عبد العزيز جراد، ومن قبله رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إن كانت اقتصادية أو لا.

وأكد أن التمويل سوف يكون من الإرادات العامة لميزانية الدولة، موضحا أن النفقات العامة للدولة مقسمة على التسيير والتجهيز، متسائلا عن كيفية إعادة ترتيبها لأن ميزانية 2020 قسمت حسب طبيعة الوزارات التي كانت موجودة في سنة 2019.

ورجح صالح صالحي أن يتم تقسيمها حسب الوزارات المتقاربة وحسب أهميتها في البرنامج الجديد للدولة.

الجزائر غنية

وقال الخبير الاقتصادي صالحي أن للجزائر موارد مالية كبيرة جدا، ويرى أن المواد المالية في الجزائر فائضة إذا تم استغلالها بشكل اللائق وإذا تم القضاء على الفساد وفي مجالات عديدة يمكن استرجاع ملايير الدولارات، وأوضح أنه في حال تم إعادة النظر في نفقات التسيير التي وصفها بالمضخمة والإرادات غير المعبأة ستكون كافية لتسيير الوزارات المستحدثة.

وأوضح ذات المتحدث، أن بيان السياسة العامة الذي سيُعرض على البرلمان بغرفتيه سيحمل الكثير من التوضيحات ويحدد الكثير من الخطوط.

حكومة تصريف أعمال تعود

ووصف النائب بن خلاف الحكومة الحالية بحكومة تصريف الأعمال والمؤقتة، حتى تتم الانتخابات التشريعية لكي تأتي حكومة جديدة حسب الخريطة السياسية التي تفرزها الانتخابات كي تتشكل الحكومة التي تشرف على المرحلة التي نعيشها اليوم.

ورفض بن خلاف ما أسماه بسياسة “تشغيل الشباب” التي أصبحت حسبه تمارس في أعلى مؤسسة تنفيذية وهي الحكومة، قائلا: “إيجاد وظائف لبعض الناس في إطار الحكومة، كان يمكن أن يتم في مناصب وقطاعات أخرى، ولكن أن تصبح الحكومة حاضنة كما هو الشأن بالنسبة للوزارات الحاضنات خاصة لهذا العدد الكبير من الإطارات وتشغيلهم في الوقت الذي تعاني فيه الجزائر فهذا أمر غير مقبول”.

ومن جهة أخرى، تسأل بن خلاف عن الإستراتيجية التي ستضعها الحكومة من أجل تلبية مطالب الشعب الجزائري وفي مقدمتها الحراك الشعبي، وهل الحكومة قادرة على إيجاد الحلول المناسبة من أجل تفكيك القنابل التي خلفتها العصابة في كل مجالات؟

وفي ذات الصدد، قال صخري أن هذه الوزارات تعطي انطباعا أنها جاءت دون دراسات مسبقة لها، ولم تتسم بالجدية، وتدل على وجود الكثير من الدوائر التي تدخلت في هذا التعديل الحكومي لتقسيم “الكوطات” وتم ملء الفراغ لبعضها من خلال استحداثها.

كما وصف صخري التقسيم الحكومي الجديد بالخلل، مؤكدا أنه كان ينتظر أن تكون مركزية في التسيير من خلال توسيع صلاحيات الوزراء، موضحا أن استحداث وزارات بطريقة غير مدروسة سيؤدي إلى عشوائية في التسيير وتداخل في الصلاحيات.

كما سيغيب -حسب المتحدث ذاته- التنسيق والفعالية بسبب انتماء الوزراء إلى دوائر مختلفة ما يؤدي إلى غياب فعالية الحكومة.

الوزراء سيرحلون

قدم رئيس مجلس الشورى لجبهة العدالة والتنمية، عدة ملاحظات على الحكومة أولها أنه تم تقسيم الوزارة الواحدة إلى عدة وزارات على غرار الصناعة والثقافة والرياضة.

وأضاف المتحدث ذاته، أن المشكل ليس في وزارة منتدبة أو كتابة دولة وليس في منصب الوزير، بل المشكل في الطواقم الإدارية الأخرى التي تلحقها إضافة إلى المقرات.

وأوضح بن خلاف أنه وبالرغم من أن الكثير من الوزراء هم كوادر وإطارات، لكنهم يفتقرون للتجربة في التسيير ما يعني أن من يُسير هم الطواقم الإدارية التي تُختار لهذا الغرض وهي التي تبقى، والوزير قابل لتغيير في يوم ما.

التعليقات مغلقة