“الهدّاف” وبن شيخ في قلب العاصفة.. هل تجاوز الإعلام الرياضي الخطوط الحمراء؟ محمد لعلامة

“الهدّاف” وبن شيخ في قلب العاصفة.. هل تجاوز الإعلام الرياضي الخطوط الحمراء؟

  • انسخ الرابط المختص

تشهد الساحة الإعلامية والرياضية في الجزائر جدلًا واسعًا عقب عاصفة انتقادات طالت قناة “الهداف” الرياضية، وسط اتهامات بتغذية التوتر في الملاعب والانحياز الصريح لأندية العاصمة، ما فتح الباب لنقاش وطني واسع حول دور الإعلام الرياضي وحدود التعبير.

القضية تفجّرت عقب أحداث العنف التي انتشرت مؤخرا والتصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها محلل القناة واللاعب الدولي السابق علي بن شيخ، خلال حديثه عن الحكم الدولي مصطفى غربال، عقب مباراة مولودية الجزائر أمام أولمبيك آقبو.

وقال بن شيخ إن الحكم لا يستحق تمثيل الجزائر في كأس العالم للأندية، في تصريح وُصف بـ”المنفلت”، وأثار عاصفة من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي وداخل الأوساط الكروية والإعلامية.

تدخل رسمي ورد فعل برلماني

دخلت السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري على الخط، وأصدرت بيانًا حذّرت فيه قناة “الهداف”، مؤكدة تسجيل تجاوزات مهنية واضحة في برامجها الرياضية، خاصة في حلقتي “بالمكشوف” بتاريخ 17 أفريل و”VAR الهداف” بتاريخ 15 أفريل 2025، وأشارت إلى خروقات في مبدأي الحياد والموضوعية من طرف أحد المحللين.

كما قرّرت السلطة توقيف برنامج “ستاد النهار“، الذي يبث على قناة “النهار”، لمدة 21 يوماً، بعد بث محتوى يتضمن “خطابًا يحمل دلالات عنصرية صريحة”، ما يعكس تصعيدًا في التعامل مع الخطاب الإعلامي المتوتر.

وتحوّل النقاش إلى قبة البرلمان، حيث حمّل النائب عبد الرحمان صالحي قناة “الهداف” مسؤولية تأجيج العنف في الملاعب، مشيرًا إلى أن “الخطاب الإعلامي لبعض القنوات، وعلى رأسها الهداف، يُغذي التوتر بين الجماهير ويزيد من الاحتقان”، داعيًا الجهات الوصية إلى تنظيم المشهد الإعلامي ومحاسبة المتسببين في نشر الفتنة.

ردود الفعل من شخصيات إعلامية بارزة لأوراس

وفي سياق متصل، قال الإعلامي الجزائري ومذيع قناة الجزيرة، مجيد بوطمين، في تصريح لموقع “أوراس“:

“الكثير من المتابعين يرون أن بعض التحليلات تفتقر للحياد وتميل للعاطفة أو الانحياز لأندية معينة. لذلك، جاء تدخل سلطة ضبط السمعي البصري، وحتى إن تأخر، فإنه ضروري لردع هذه التجاوزات”.

وأكد بوطمين أن الإعلام الرياضي في الجزائر “بحاجة إلى توازن بين حرية التعبير والموضوعية”، منتقدًا المطالبة بإقصاء حكم اختارته الفيفا للمشاركة في منافسات دولية.

واقترح تنظيم دورات تكوينية للمحللين الرياضيين لتأهيلهم مهنيًا وضبط الممارسة الإعلامية.

من جهته، دافع الصحفي ومحلل قناة الهداف رشيد عبّاد عن القناة والمحلل علي بن شيخ، معتبرًا أن الأخير “عبّر عن رأيه في لحظة غضب”، وقال في تصريحه لموقع أوراس:

“ربما بالغ، لكنه لم يكن يقصد الإضرار بغربال، وقد تكون هفوة. الهداف لا يمكن أن تكون طرفًا في العنف، بل ساهمت في تلطيف الأجواء في عدة مناسبات”.

أما الإعلامي والمعلق الرياضي الشهير حفيظ دراجي، فقد أشار في تصريح لموقع “أوراس”، إلى أن تحميل المسؤولية للإعلام وحده مبالغة، موضحًا في تصريحه:

“رغم كل المؤاخذات الموجودة من انحياز وتعصب وسوء تقدير للكلمات، إلا أن مسؤولية الاحتقان جماعية. يتحمّلها كل الفاعلين: من اتحادية، وحكام، ومسيرين، ومدربين، إلى الإعلام والجماهير”.

كما حذر درّاجي من حملات التشويه التي تقودها بعض منصات اليوتوب وتيك توك، معتبرًا أن هذه المنصات أصبحت جزءًا من الأزمة الإعلامية، وتسعى للهيمنة على المشهد دون ضوابط مهنية.

انقسام على مواقع التواصل

على منصات التواصل الاجتماعي، تباينت المواقف. فبينما طالب عدد كبير من المتابعين بـ”توقيف علي بن شيخ عن الظهور الإعلامي”، ودعوا السلطات العليا للتدخل ضد ما وصفوه بـ”خطاب التحريض”، دافع آخرون عن القناة والمحلل المثير للجدل.

وقالوا إن “الهداف” تبقى القناة الرياضية الخاصة الوحيدة التي تضيف إلى المشهد الإعلامي، وأن بن شيخ صريح ولا يقول إلا ما يؤمن به، حتى إن لم يُرضِ الجميع.

وتعكس القضية التي تصنع الجدل هذه الأيام هشاشة التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية المهنية في الإعلام الرياضي الجزائري، وتطرح من جديد سؤالًا جوهريا: من يرسم حدود الكلمة في فضاء تتقاطع فيه المنافسة الكروية بالحساسية الجماهيرية؟

شاركنا رأيك