نفى رئيس مجلس الشورى لجبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، أن يكون للسلطة الفعلية مرشَّح تدعمه، مشيرا إلى أن أحد المرشحين يغالط الرأي العام بترويجه لهذه المعلومة غير الصحيحة، وتحدث بن خلاف في حوار مع أوراس على رئاسيات 12 ديسمبر، وتداعيات المصادقة على مشروع قانون المحروقات، وغيرها من التحديات التي يمر بها المشهد في الجزائر.
وأبدى تخوفه من بقايا النظام السابق في تزوير العملية الانتخابية وعرقلة مسعى الرئيس القادم.
نص الحوار:
ما موقف حزبكم من الانتخابات؟
نحن في جبهة العدالة والتنمية ومن خلال قرار مجلس الشورى الأخير، قررنا عدم تقديم مرشح لهذه الانتخابات لعدم توفر شروط المنافسة نظرا للظروف التي نعيشها اليوم، حيث أن الكثير من الجزائريين يعارضون هذه الانتخابات بسبب عدم توفّر الشروط اللازمة لها لتكون انتخابات مختلفة ونوعية عما سبقها من مسارات انتخابية، إن الخطأ غير مسموح به في هذه المرحلة، وعلى هذا الأساس كلفنا هيئة المتابعة باتخاذ قرار الفصل في مصير أصوات مناضلي ومحبي والمتعاطفين مع جبهة العدالة والتنمية، من خلال المستجدات التي تطرأ على الساحة.
متى؟
سيكون هذا القرار في الأيام القليلة القادمة.
هل ستدعمون أحد المترشحين؟
من يعرفنا ويعرف تاريخنا يدرك أننا لم نساند أي أحد في تاريخنا النضالي لرفضنا أن نتحوّل إلى لجنة مساندة، كما أننا سعينا من قبل للوصول إلى مرشح توافقي قبل الرئاسيات، لكن تحقيق هذا يحتاج إلى تسطير برنامج متفق عليه بين المترشح ومن يسانده، المرحلة هذه تمت وقدم المتر شحون برامجهم للسلطة المستقلة للانتخابات في ملفات الترشح، ولا يمكننا مساندة أي شخص هكذا دون الاتفاق معه على البرنامج الذي سيطبقه إذا وصل إلى منصب رئيس الجمهورية، ولهذا مؤسسات الحزب ستلتقي وتفصل في الموضوع من خلال المعطيات المتوفرة ميدانيا.
هل مازلتم مصرين على تأجيل الانتخابات؟
لم نطالب بتأجيل الانتخابات، وإنما قررنا عدم تقديم مرشح لنا فيها، نظرا للظروف التي نعيشها اليوم، والتي تظهر وجود نفس الإشكالات التي كانت مطروحة في وقت سابق، نحن نريد أن نذهب لانتخابات حرة ونزيهة لإيجاد آليات دستورية تحقق هذا المطلب وليس انتخابات اقتنع الجميع أنها كانت مزورة عكس ما كانت تروج له العصابة، ولهذا طالبنا في وثيقة عين البنيان بإيجاد الآليات التي تحقق هذا الهدف.
هل تعتقد أن كل المترشحين هم أبناء النظام السابق؟
الأمر ظاهر للعيان، واليوم أصبح الشعب ناضجا ويدرك الأشياء عكس ما كان يُروج له بأنه “غاشي” وغير واعي، لذلك فالمواطنون يعلمون من كان في النظام وخرج منه، ومن كان في النظام وفشل في تسيير مسؤولياته سواء كانت وزارة أو ولاية أو دائرة أو حزب، ومن لم يكن ابن النظام ويريد أن ينجح ومن كان في النظام وخرج منه ويريد إصلاح البلاد وإخراجها من الأزمة.
يرى مراقبون أن السلطة استعجلت في إجراء الانتخابات، هل تعتقد أنها اختارت الوقوف مع أحد المترشحين؟
الأكيد أنه لا يوجد أحد مرشح أو مفوض من طرف السلطة لحد الساعة، وعلى هذا الأساس يجب على الشعب أن يدرك أنه لا أحد يمثل لا السلطة الفعلية ولا السلطة القائمة، بل هناك من يريد تغليط الشعب الجزائري بأنه مرشح من قبل السلطة وهو ظاهر في تصريحات بعض المترشحين كي يخدعوا الشعب الجزائري، ولهذا يجب عليه أن ينتبه، لأن التعامل سيكون على قدر المساواة والكفاءة هي المعيار الحقيقي لاختيار الرجل المناسب في المنصب المناسب.
هل هذا مؤشر على أن الانتخابات ستكون نزيهة؟
نحن لا نحكم على هذا، لأننا تعودنا سماع تصريحات كثيرة من طرف المسؤولين منذ 1997 تشير إلى نزاهة الانتخابات، إلا أنها تزور بشكل فضيع وفاضح أكثر مما سبقها، اليوم نرى أن الظروف التي نعيشها هي أحسن بكثير ومع هذا لا يمكننا التنبؤ بنزهاتها، أكيد أنها لن تكون مزورة بحجم سابقاتها لكن الحكم النهائي سيكون بعد الانتخابات أين سنقول رأينا بكل وضوح إن كانت نزيهة أم لا.
إذا كانت السلطة لا تزور، فمن يقوم بعملية التزوير؟
جهاز التزوير متمركز في كثير من المواقع، وفي الوقت الذي كانت السلطة تؤكد على نزاهة الانتخابات، كان جهاز التزوير يزوّر على كل المستويات، ودون أوامر أحيانا، فتُزور الانتخابات عن طريق مكاتب التصويت، ومحاضر الفرز التي تجمع على مستوى اللجان البلدية وأيضا اللجان الانتخابية الولائية التي نسميها بالغرف المظلمة، بحيث تزور في نسبة المشاركة، تمنح الأصوات لمرشحي وأحزاب السلطة، أحيانا تفيض الأمور وتفوق نسبة تزوير 100%، هي مزايدات يقوم بها الجهاز المتمثل في وزارة الداخلية والإدارة، لكنه اليوم بعيد نوعا ما خاصة إذا استعملت السلطة صلاحياتها وهي التي عينت مؤطري الانتخابات على مستوى المكاتب والمراكز، ما لم يكن لدى هؤلاء أي علاقة مع جهاز التزوير والإدارة وأحزاب الموالاة كما وقع الشأن بالنسبة لمندوبيات السلطة على مستوى البلديات والولايات الذين ثبت انتماؤهم لأحزاب الموالاة وجهاز الإدارة، ومع هذا نحن نتحفظ على ترأس اللجان الانتخابية البلدية والولائية من قبل قضاة عُينوا من طرف مجلس القضاء المختص إقليميا ولم يتم انتخابهم، والجميع يعلم أن العصابة استعملت القضاء لتزوير الانتخابات سابقا، وما وقع مؤخرا في قطاع العدالة مخيف جدا، أضف لها لجان الانتخابات في المهجر التي يرأسها رؤساء المراكز الدبلوماسية والتمثيليات في الخارج فما دخلها في العملية؟ لهذا أقول إن وزارة العدل والخارجية مازالتا تشرفان على الانتخابات من خلال إشرافها على اللجان المفتاحية في الانتخابات، لذلك نتمنى من كل هذه اللجان أن تقوم بدورها في إطار القانون، هي نقاط سوداء لا بد أن تراجع كي تكون سلطة الانتخابات مستقلة استقلالا تاما.
ما هو البرنامج الذي تراه الأقرب لمطالب الشعب؟
نتحدث عن البرنامج الذي يحقق القطيعة مع النظام البائد الذي سيَّر البلد نحو طريق مسدود في شتى المجالات، هو البرنامج الذي يحقق ما يريده الشعب ويكرِّس مطالب الحراك التي رفعها منذ 22 فيفري، تغيير النظام وإحداث القطيعة مع رؤوس العصابة والقوى غير الدستورية التي سيّرت البلد من قبل، نحن في أزمة بمعنى الكلمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، نحن على الهاوية لا قدر الله، لذلك الشعب ينتظر البرنامج الأمل الذي يحقق وثبة نوعية ويعطي حلولا للمشاكل التي يعيشها البلد.
هل تم تجاوز الشرعية الثورية أم أن الحراك الشعبي هو من أسقطها؟
نعم، كل الرؤساء الذين حكموا البلاد يمثلون الشرعية، لكن الشرط لم يعد ملائما في جزائر 2020، لأن هؤلاء أدوا دورهم بتحريرهم البلد وبيان أول نوفمبر الذي يدعو إلى إقامة الدولة الجزائرية الاجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية، وما عليهم فعله الآن أن يتركوا المجال للشرعية الشعبية التي يمثلها الحراك ليحكم البلد، فالجزائر ولّادة وتحمل الكثير من الكفاءات القادرة على حل المشاكل التي تُخرجنا من الأزمة الحالية، بشرط توفر الإرادة السياسية.
الكل كان ينادي بتسليم المشعل للشباب، هل سيسلم فعلا أم سيبقي مجرد شعار؟
تسليم المشعل للشباب الأمل الذي انتظره الشعب الجزائري، كان يتردد في إطار جبهة التحرير الوطني التي وعدّت مرات كثيرة أنها ستسلِّم المشعل لهم، ولكن الظاهر أنهم أرادوا تسليمه منطفئ وهو ما حصل اليوم، نتمنى ترجمته على أرض الواقع، فالوقت مناسب لتسليمه للشباب والكفاءات القادرة على إخراج البلاد من أزمة اليوم.
في ظل المعطيات الحالية هل يمكن تحقيق هذا المطلب على مستوى كل المؤسسات القاعدية والأحزاب؟
إذا أردنا أخذ الدروس مما وقع من قبل، من سياسات خاطئة طبَّقها رجال المرحلة السابقة التي أوصلت البلد إلى طريق مسدود، علينا أن نراجع أمورنا ونطبق سياسة التشبيب على كل المستويات، ولكن ليس بالطريقة التي استخدمت مع المرأة، حينما أوصلوها للمجالس المنتخبة فقط، لكن لم نشاهدها في مناصب المسؤوليات الكبرى بكثرة، مثلا في الحكومة، ومناصب الولاة، ورؤساء الدوائر، فكانت سياسة شعبوية من طرف العصابة لكسب ودها، لذا نتمنى من أصحاب القرار أن يسلموا المشعل للشباب في كل المستويات سواء في المؤسسات العليا التي تسيِّر البلد أو الادارة والمؤسسات القاعدية إذا أرادوا وضع البلد على السكة لتحقيق الأهداف التي يريد الشعب تحقيقها.
ما هي التحديات التي سيواجهها الرئيس القادم؟
إذا لم تكن نسبة المشاركة محترمة، فتبقى مشكلة الشرعية مطروحة بالنسبة للرئيس، هذا الأخير الذي سيجد نفسه في وضع لا يحسد عليه، مشكلة اقتصادية حقيقية، حيث سيصل احتياطي الصرف إلى 51 مليار دولار أواخر سنة 2020، وهو ما يكفي لضمان قوت الجزائريين 15 شهرا، كما سيجد مشاكل اجتماعية واحتجاجات ومطالب نقابية كثيرة لا يمكن مواجهتها، ناهيك عن مشاكل على المستوى السياسي من خلال تعديل الدستور وفتح ورشات مناقشته، وغيرها من الملفات من مؤسسات غير شرعية تنتمي للعصابة وأذنابها تعرقل مسعى الرئيس القادم كالبرلمان والمجالس المحلية.
في رأيك كيف سيتغلَّب على هذه العقبات؟
عليه أن يسارع إلى فتح الورشات اللازمة لتعديل الدستور وتوزيع الصلاحيات التي كانت تجعل من الرجل الأول في الدولة “سُوبر رئيس”، ويحل مشكل الهوية المطروح بقوة من طرف شريحة واسعة من الشعب الجزائري، بالإضافة إلى ورشات لا بد من فتحها في بداية عهدته وإدخال التعديلات اللازمة على قانون الانتخابات والسلطة المستقلة وتعديل القانون المتعلق بالانتخابات التشريعية والمحلية وحل هذه المؤسسات غير الشرعية وتظافر جهود كل الخيِّرين كي يتعاونوا على محو ما أفسدته العصابة، وما خلَّفته من تركات ثقيلة، خاصة الألغام الكثيرة للرئيس المتَّنحي في مختلف المجالات، وهي ليست بسيطة، وكل هذا يحتاج جهدا كبيرا من رئيس يعمل بمعدل 17 ساعة يوميا والاستعانة بمستشارين قادرين على إخراج البلاد من الأزمة متعددة الجوانب.
هل سيؤثر الاستعجال في تمرير قوانين هامة على خطة عمل الرئيس القادم؟
أهم قانون مُرِّرَ في المرحلة الأخيرة هو قانون المحروقات، نحن نادينا بتأجيل دراسته لما بعد الرئاسيات وحمَّلنا المسؤولية للنواب الذين صادقوا على القانون، فهذه العُجالة مشكوك في أمرها، لأنه حتى بعد المصادقة عليه فإن المفاوضات مع الشركات الأجنبية تستمر لمدة ثلاث سنوات، كما أنَّ نتائج هذا القانون من استكشاف واستغلال لا تظهر إلا بعد 10 سنوات، كان الأَولى بالنسبة لنا تأجيل القانون إلى وقت الرئيس الشرعي والحكومة الشرعية التي تنبثق عن البرلمان، والقضاء على المناخ الذي أوجدته العصابة والذي نفَّر الشركات الأجنبية مهما منحنى في القانون من تحفيزات للشركات الأجنبية، فضلا عن التحفيزات الضريبية والجمركية لما فيه من تعفُّن وبيروقراطية وفساد والتعامل بازدواجية في العملة، لذلك هناك علامة استفهام في التعجيل بتمرير هذا القانون الذي يكبل الرئيس القادم، ومن حقه أن يُوَقفه، وهو ما يجُّرنا لمشكلة كبيرة، لأن المؤسسات الأجنبية تعرف أن البلاد تعيش حالة من عدم الاستقرار في البلد والقوانين.