برلمانيون فرنسيون لأوراس.. مجازر 8 ماي “جريمة دولة” وعلى باريس الاعتراف إلهام هواري

برلمانيون فرنسيون لأوراس.. مجازر 8 ماي “جريمة دولة” وعلى باريس الاعتراف

  • انسخ الرابط المختص

في الذكرى الثمانين لمجازر 8 ماي 1945، وجهت النائبة الفرنسية من أصول جزائرية، صبرينة صبايحي، دعوة صريحة ومباشرة إلى الدولة الفرنسية من قلب العاصمة الجزائرية، داعية إلى “استئناف العمل على ملف الذاكرة” والاعتراف الرسمي بهذه المجازر كـ”جرائم دولة”.

وخلال مشاركتها في مراسم إحياء الذكرى بقصر الأمم، أكدت صبايحي في تصريح حصري لـ”أوراس” أنها تعمل منذ عام مع ثلاثة نواب آخرين، لجمع الشهادات والوثائق، والاستماع لأسر الضحايا، ضمن جهد برلماني ممنهج للضغط على باريس.

وفي حسابها على منصة إكس (تويتر سابقا) قالت النائبة الفرنسية، إن على فرنسا أن تستأنف مسار العمل على الذاكرة والاعتراف بمجازر 8 ماي 1945 كجرائم دولة، مؤكدة أن الوقت قد حان لتحمل المسؤولية التاريخية.

الاعتراف مسألة وقت

وكشفت صبايحي أنهم وجهوا رسالة رسمية إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وطالبوا فيها باعتراف كامل بمجازر الاستعمار الفرنسي في الجزائر.

وأشارت إلى أن لجنة مختلطة فُتحت في 2022 لتمكين المؤرخين من الوصول إلى الأرشيف، واعتبرت هذه الخطوة بداية إيجابية نحو التقدم في مسار الاعتراف والحقيقة.

وفي سياق متصل، ذكّرت بأن البرلمان الفرنسي صوت على الاعتراف بمجازر 17 أكتوبر 1961 وعدة مجازر استعمارية أخرى.

وأكدت صبايحي أن الاعتراف الكامل بمجازر 8 ماي هو مسألة وقت لا أكثر، وشددت على مواصلة العمل من أجل هذا الهدف إلى حين تحقيقه في الوقت المناسب

وتأتي تصريحات النائبة الفرنسية في وقت يتزايد فيه الضغط الشعبي والسياسي داخل فرنسا وخارجها للاعتراف بفظائع الاستعمار، وعلى وجه الخصوص الجرائم التي ارتُكبت خلال الانتفاضة الشعبية في 8 ماي 1945.

وذلك عقب خروج آلاف الجزائريين للمطالبة بالاستقلال، فكان الرد الفرنسي قمعاً دموياً أودى بحياة عشرات الآلاف، وفق تقديرات لم يتم الفصل فيها إلى يومنا هذا.

صمت رسمي

بصفتها نائبة في البرلمان الفرنسي ونائبة رئيس لجنة الصداقة الجزائرية الفرنسية، عبّرت صبايحي عن استمرار العمل على هذا الملف الحساس، مؤكدة أهمية الاستمرار في العمل البرلماني والتوعوي.

وقالت في تصريحات صحفية سابقة إن زيارتها رفقة وفد برلماني إلى الجزائر تشكل “خطوة في مسار الاعتراف التاريخي”، رغم التحديات السياسية التي تواجه هذا المسار.

كما ربطت صبايحي القضية ببعد شخصي، مشيرة إلى أن جذورها العائلية تعود إلى مدينة سطيف، إحدى أبرز ساحات المجازر.

وأكدت أن وعيها بحجم المأساة جاء متأخراً بسبب التعتيم الذي مارسه النظام التعليمي الفرنسي.

شهادات صادمة ووثائق دامغة

واستناداً إلى عملها البرلماني، كشفت النائبة عن اطلاعها على شهادات ووثائق أرشيفية وصفتها بالصادمة، خاصة ما يتعلق بما جرى في قالمة، حيث تم تسليح ميليشيات مدنية نفذت إعدامات جماعية دون محاكمة.

كما تمت الاستعانة بأفران لإخفاء آثار الجرائم، وهذه الحقائق، وأبرزت المتحدثة ذاتها أن ما حدث لم يكن مجرد تجاوزات فردية بل جزءاً من سياسة ممنهجة بعلم وتواطؤ السلطات الاستعمارية والجيش الفرنسي.

سيمونيه.. ما حدث “جرائم دولة”

وفي تصريح آخر حصلت عليه “أوراس” لنائبة باريس دانييل سيمونيه، التي شاركت ضمن الوفد الفرنسي الذي زار الجزائر لإحياء الذكرى 80 لمجازر 8 ماي 1945، أكدت أن فرنسا اعترفت أخيرًا بأن ما حدث في سطيف وقالمة وخراطة بين ماي إلى جوان 1945 هو “جرائم دولة”.

وأوضحت أن هذه المجازر ارتكبها الجيش الفرنسي والشرطة والدرك، إضافة إلى ميليشيات مدنية مسلحة.

كما أشارت إلى أن المدنيين في قالمة أُعدموا دون محاكمات حقيقية وبمشاركة مباشرة من المستوطنين الأوروبيين.
وفي السياق ذاته، شددت على أهمية مواجهة هذه الفظائع للحفاظ على كرامة الضحايا وذاكرة الشعوب.

سليماني.. الاعتراف لا يقسم بل يوحد

ومن جهته، قال نائب عمدة مدينة فرنس الفرنسية سمير سليماني، إن اعتراف فرنسا بهذه المجازر بدأ تدريجيًا منذ عهد شيراك وساركوزي، ويتواصل اليوم بشكل أوسع.
وأكد أن مشاركتهم تحمل مسؤولية تاريخية ورسالة احترام لعائلات الضحايا.

وشدد على أن الاعتراف بالمجازر لن يخلق انقسامًا بين فرنسا والجزائر، بل بالعكس، هو مدخل للوحدة والارتقاء، ودعا إلى مواصلة هذا المسار، خصوصًا مع تصاعد اليمين المتطرف في فرنسا.

وأكد أن الجزائريين في فرنسا، عددهم 6 ملايين، وأغلبهم فرنسي جزائري أو جزائري مقيم في فرنسا.
وقال: “علينا ألا نكون ضحايا بل ممثلين فاعلين لبناء مستقبل مشترك”.

كما أشار إلى أن المشاركة في إحياء الذكرى الثمانين لمجازر 8 ماي توازي إحياء سقوط النازية في أوروبا، واعتبر أن أحداث سطيف وقالمة وخراطة تمثل لحظة حاسمة في التاريخ الجزائري والفرنسي معًا.

شاركنا رأيك