span>بعد “مهزلة” رئيسها شرفي.. هل انتهت صلاحية السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات؟ علي ياحي

بعد “مهزلة” رئيسها شرفي.. هل انتهت صلاحية السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات؟

لا تزال الانتخابات الرئاسية لـ7 سبتمبر 2024، تلقي بظلالها على المشهد السياسي العام في الجزائر، ليس بسبب فوز المترشح عبد المجيد تبون أو انهزام منافسيه يوسف أوشيش عن جبهة القوى الاشتراكية، وعبدالعالي حساني زعيم حركة مجتمع السلم، بل يرجع الأمر إلى “الخلط” الذي صدر عن السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات من حيث الأرقام والنسب.

ولأول مرة ربما في التاريخ المعاصر، يرفض المترشح الفائز برئاسة البلاد، النسب والأرقام “الانتخابية”، بالرغم من أنها جاءت في صالحه، وإن كان الحال يطعن في مصداقية اللجنة المستقلة للانتخابات ورئيسها محمد شرفي، غير أن إصدار المتنافسين الثلاثة بما فيهم الفائز، بيان يستنكر فشل مهمة هذه الهيئة ويطعن في معلوماتها، يعتبر “سابقة في الممارسة الديمقراطية النزيهة تحسب للجزائر”، وفق متابعين.

لكن يستمر الغموض والضبابية فيما بدر عن لجنة شرفي التي راهن عليها الشعب من أجل حماية صوته وضمان عملية انتخابية شفافة ونزيهة، حيث يتساءل الجميع حول ما وراء تضارب المعلومات التي قدمها رئيس السلطة المستقلة للانتخابات محمد شرفي؟.

جهات خفية

وفي السياق، يقول القيادي في حزب اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية حليم بن بعيبش، في تصريح لـ”أوراس”، إن السلطة المستقلة كانت خارج المجال من ناحية تأطير العملية الانتخابية، وأنها فقدت السيطرة تماما على المندوبيات الولائية والبلدية، مشددا أن هناك جهات خفية تلاعبت بنتائج الانتخابات أمام غياب أو تغييب السلطة المستقلة، وأضاف أن العملية الانتخابية سارت في هدوء بشكل جيد، لكن بعد غلق المكاتب انحرف المسار بطريقة مريبة وكانت البداية بالرفع المبالغ فيه لنسبة المشاركة مع تأخير الإعلان عنها، بعدها استحداث مصطلح غريب هو معدل نسبة المشاركة، ثم إعلان النتائج بطريقة أقل ما يمكن وصفها بالمهزلة، ما أكد وجود نية مبيّتة في تشويه العملية الانتخابية.

وتابع بن بعيبش، أن أطرافا تريد عودة الجزائر إلى مربع الفوضى واللااستقرار، جهات كانت مستفيدة من المرحلة السابقة، هي من تقف وراء هذا “التخلاط”، مضيفا أن الأمر يتجاوز الأشخاص والأحزاب، إنه هو عمل كيانات، وأوضح أن فوز الرئيس تبون أمر متوقع حتى قبل أن تصدر المحكمة الدستورية قرارها، وبالتالي فإن الإشكالية في الأرقام لا في النتيجة النهائية، مبرزا أن حماية أصوات الناخبين دور السلطة المستقلة والأجهزة الإدارية وليست من أدوار الأحزاب.

محاسبة المسؤول

من جانبه، أشار الناشط السياسي سمير مزار، في تصريح لـ”أوراس”، إلى أن محمد شرفي، ورط نفسه وورط السلطة معه، وهو دليل قاطع على فشل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وقال: “يجب ان يعتذر للشعب قبل كل شيء ويعتذر لكل المترشحين”، مضيفا أنه يجب محاسبة كل من هم في السلطة المستقلة، والتحقيق في مسار الأموال التي صرفت، مشددا: “أجزم أن هناك شبكة خفية تريد النيل من الجزائر خاصة في هذا الموعد الهام والحساس”، مبرزا أنه يجب معاقبة من أراد إفشال هذا الموعد.

وواصل مزار، أن الصورة ضبابية نوعا ما، والقرار يرجع للمحكمة الدستورية وللمترشح الفائز، ولا أحد يستطيع الجزم أو تحمل ثقل هذه المسألة التي تعتبر تاريخية، وأردف أن المسؤولية يتحملها من عين هذا الهيكل من جماعة 2019.

التلاعب بالأرقام

إلى ذلك، يرى الباحث في الشؤون المحلية والدولية عبدالرحمن بوثلجة، في حديث لـ”أوراس”، أنه من الطبيعي جدا أن تعتبر الأحزاب والجمعيات والمنظمات والنقابات الداعمة للمترشح عبد المجيد تبون، النتائج إنجازا لها، في حين يشكك البعض في أن يكون تأثيرها كبيرا، على اعتبار أنه تحصل على نتائج غير بعيدة عن استحقاق 2019، بالرغم من أنه لم يحظى بالدعم كالذي لقيه هذه المرة، مضيفا أن بيان المرشحين فهو لم يطعن في النتائج، بقدر ما انتقد  التسيير والطريقة التي تم اعتمادها في إعلان النتائج.

وأوضح بوثلجة، أنه يجهل ما إذا كانت بعض الأرقام التي تم الإعلان عنها مقصودة، لاسيما ما تعلق بنسبة المشاركة التي بقيت مبهمة، لكن في المحصلة النتائج النهائية لن تتغير، مشيرا إلى أن الطعن لم يكن في ترتيب المرشحين حسب عدد المصوتين، ولا في نسبة التصويت، ولكن في الضبابية التي تركها إعلان النتائج، كما أن هيئة شرفي لم تتحدث في بيانها عن أخطاء أو هفوات أو خروقات من شأنها إحداث تغيير في النتائج النهائية، والأكيد أن المحكمة الدستورية ستوضح كل الأمور المبهمة.

وبعد إشادة بدورها وأدائها في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الهيئة التي يقودها محمد شرفي، في مرمى نيران الجميع، ومحلّ طعن وانتقاد شديد، حتى من الموالين للسلطة أنفسهم، حيث شنّ المرشحان الخاسران هجوما لاذعا عليها في أعقاب النتائج المعلنة والتي أثارت احتجاج حتى مديرية حملة الرئيس الفائز عبد المجيد تبون.

شاركنا رأيك