ستورا: فرنسا ترفض تدريس جرائمها في الجزائر وتروج لـ”الاستعمار السعيد” مريم بوطرة

ستورا: فرنسا ترفض تدريس جرائمها في الجزائر وتروج لـ”الاستعمار السعيد”

  • انسخ الرابط المختص

في ظل التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا، عاد النقاش مجددًا حول الجرائم الاستعمارية، وسط مطالبات متزايدة لباريس بالاعتراف بماضيها المظلم بدلًا من التعتيم عليه.

وأثار الصحفي الفرنسي جان ميشيل أباتي جدلًا واسعًا بعد أن شبّه ممارسات الاستعمار الفرنسي في الجزائر بوحشية النازيين خلال الحرب العالمية الثانية.

تاريخ مغيب في فرنسا

أكد المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا أن تاريخ الاستعمار الفرنسي في الجزائر مليء بالفظائع التي لا يتم تدريسها في فرنسا، حيث تعرض الجزائريون للمجازر والمقاومات العنيفة منذ القرن التاسع عشر.

وأوضح ستورا في حوار لجريدة “الخبر” أن معارك الأمير عبد القادر، وحصار واحتلال قسنطينة عام 1837، ومجزرة الأغواط، وثورة القبائل سنة 1871، تلتها مصادرة واسعة للأراضي ونفي المسؤولين إلى كاليدونيا الجديدة، هي محطات بارزة في تاريخ الجزائر، لكن يتم تغييبها عن المناهج الدراسية الفرنسية.

هل يبحث الجيل الجديد عن الحقيقة؟

وأشار ستورا إلى أن الرواية الرسمية في فرنسا تروج لمفهوم “الاستعمار السعيد”، مما يعزز صورة مشوهة عن الحقيقة التاريخية.

وذكر أنه نشر كتابًا بعنوان “تاريخ الجزائر الاستعماري” عام 1992، لكن المجتمع الفرنسي حينها لم يكن مستعدًا للاعتراف بهذا الماضي.

وأضاف أن الأجيال الشابة اليوم تبحث عن تاريخ الاستعمار والعبودية، مما يجعل من الصعب الاستمرار في إنكار هذه الحقائق.

وفي هذا السياق، جاءت تصريحات الصحفي جون ميشال أباتي، التي شبّه فيها ممارسات الاستعمار الفرنسي بجرائم النازيين، لتتناقض مع الرواية الرسمية التي تروّج لها فرنسا حول “الاستعمار السعيد”.

وبدلًا من الاعتراف بهذه الجرائم، تحاول السلطات الفرنسية فرض رؤية مشوهة للتاريخ، تتجاهل فظائع الماضي وتروج لصورة زائفة عن الاستعمار

إنهاء مسيرة صحفية

وكان الصحفي الفرنسي أباتي عبر عن أسفه لغياب الاعتراف الرسمي بجرائم الاستعمار الفرنسي، مؤكدًا أن إنكار هذه الحقائق لن يغير من التاريخ.

وهاجم من وصفهم بـ”الوطنيين المزيفين” الذين يرفضون مواجهة الماضي، متمنيًا أن يأتي اليوم الذي تعترف فيه فرنسا بوحشية استعمارها.

وعقب تصريحاته المثيرة، قررت قناة “أر.تي.أل” إيقافه مؤقتًا، ما دفعه لاحقًا إلى تقديم استقالته بعد سنوات من العمل فيها.

تعتيم إعلامي متواصل

وفي خطوة أخرى تعكس محاولات طمس الماضي الاستعماري، أقدمت قناة “فرانس 5” بشكل مفاجئ على حذف وثائقي كان من المقرر عرضه، يتناول استخدام فرنسا للأسلحة الكيميائية ضد الجزائريين خلال الثورة التحريرية.

ولم تقدم القناة مبررات مقنعة لهذا القرار، رغم أنه كان قد عُرض سابقًا على قناة سويسرية.

 

وكان الوثائقي، الذي يحمل عنوان “الجزائر، وحدات الأسلحة الخاصة”, من إخراج كلير بييه، يوثق استخدام فرنسا لأسلحة كيميائية محظورة بين عامي 1954 و1959.

وكان من المنتظر بثه ضمن برنامج “La Case du Siècle”, لكنه أُزيل فجأة من جدول البث دون تحديد موعد جديد.

وعبّرت المخرجة عن استغرابها من القرار، معتبرةً أنه قد يزيد الجدل حول ممارسات فرنسا الاستعمارية، خاصة أن الفيلم يستند إلى وثائق رسمية تُثبت تورط الجيش الفرنسي في هذه الجرائم.

شاركنا رأيك