span>مؤشر الحوكمة الإلكترونية.. عمل كبير ينتظر الجزائر عبد القادر بن خالد

مؤشر الحوكمة الإلكترونية.. عمل كبير ينتظر الجزائر

يشكل مؤشر الحوكمة الإلكترونية أحد الأدوات الهامة التي تصدرها الأمم المتحدة لقياس مستوى استخدام الحكومات لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تقديم خدماتها للمواطنين والشركات. يعكس هذا المؤشر كفاءة العمل الحكومي في التحول الرقمي، مما يساعد على تحسين الأداء وزيادة الشفافية وتعزيز التواصل بين الحكومة والجمهور. ويعتبر هذا المؤشر مرجعية عالمية لتقييم مستوى التقدم الرقمي لكل دولة، ويساعد الحكومات على تحديد النقاط التي تحتاج إلى تطوير واستثمارات لتقديم خدمات أفضل للمواطنين.

في هذا التقرير، سنسلط الضوء على أداء الجزائر في مؤشر الحوكمة الإلكترونية لعام 2024، والذي نُشر من طرف الأمم المتحدة، مع مقارنة وضع الجزائر بمحيطها الإقليمي عربيا وإفريقيا، وكذلك بعض الدول الأخرى، لاسيما الخليجية مثل السعودية والإمارات وقطر، بالإضافة إلى المتصدرين عالميًا في هذا المؤشر.

لماذا هذا التقرير وما أهميته؟

تم التأكيد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 66/288 والمعنون بـ”المستقبل الذي نصبو إليه” على أن الديمقراطية والحوكمة الرشيدة وسيادة القانون هي أساسيات لتحقيق التنمية المستدامة. ومن هذا المنطلق، تعتبر الحوكمة الإلكترونية جزءًا من هذه المنظومة، حيث تسهم بشكل كبير في تحسين الكفاءة الحكومية وتقليل التكاليف وزيادة الشفافية والتفاعل بين الحكومة والمواطنين.

تستخدم الحوكمة الإلكترونية تكنولوجيا المعلومات لتحسين الخدمات الحكومية وتسهيل الوصول إليها، سواء كان ذلك من خلال التفاعل بين الحكومة والمواطنين (G2C) أو الحكومة والشركات (G2B)، أو حتى التفاعل الداخلي بين المؤسسات الحكومية (G2G). هذا يشمل تقديم الخدمات العامة إلكترونيًا والمشاركة في صنع القرار عبر منصات إلكترونية.

أداء الجزائر في مؤشر الحوكمة الإلكترونية

بالنسبة لمؤشر الحوكمة الإلكترونية لعام 2024، حلت الجزائر في المرتبة 116 من بين 193 دولة، بمعدل 0.5956. هذا الرقم يعكس مستوى متوسط من التقدم في استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات داخل الحكومة الجزائرية، لكنه لا يزال يتطلب جهودًا كبيرة لمواكبة دول الجوار وتحسين الأداء.

أما مؤشر المشاركة الإلكترونية (E-Participation Index)، فقد جاء ترتيب الجزائر في مرتبة متأخرة جدًا حيث حلت في المرتبة 187 من 193 بمعدل 0.0548، مما يشير إلى ضعف تفاعل المواطنين مع الحكومة عبر المنصات الرقمية، ويبرز الحاجة إلى تعزيز التواصل والمشاركة الرقمية.

ماذا عن محيطنا الإقليمي؟

عند مقارنة الجزائر بجيرانها، نلاحظ أن دول الجوار تحقق أداءً أفضل في مجال الحوكمة الإلكترونية. حيث تأتي تونس مثلا في مرتبة أعلى، ويعكس هذا تقدمًا ملحوظًا في استخدام التكنولوجيا الرقمية لتحسين الخدمات الحكومية. هذا الفرق بين الجزائر ودول الجوار يمكن أن يُعزى إلى استثمار هذه الدول في البنية التحتية الرقمية وتوفير بيئة تشريعية تشجع على التحول الرقمي.

الدولةمؤشر الحوكمة الإلكترونيةالترتيب العالمي
الجزائر0.5956116
تونس0.689085
المغرب0.642595
جنوب إفريقيا0.755060
كينيا0.701278
نيجيريا0.6250102

دول الخليج.. الأفضل

عند النظر إلى الدول الخليجية مثل السعودية والإمارات وقطر، نجد أن هذه الدول تحتل مراكز متقدمة عالميًا في مؤشر الحوكمة الإلكترونية. الإمارات والسعودية على سبيل المثال تقدمان خدمات حكومية رقمية متقدمة وشاملة، مما يجعلهما في مصاف الدول الرائدة عالميًا. استطاعت هذه الدول تحقيق مراكز متقدمة من خلال رؤية واضحة نحو التحول الرقمي واستثمارات ضخمة في البنية التحتية وتطوير الكفاءات البشرية.

الدولةمؤشر الحوكمة الإلكترونيةالترتيب العالمي
الجزائر0.5956116
قطر0.821045
الإمارات0.915021
السعودية0.840031
البحرين0.802548
عمان0.775054

الدول الإسكندنافية في الصدارة

عالميًا، تتصدر دول مثل الدنمارك وكوريا الجنوبية المؤشر بفضل استخدامهما الفعال للتكنولوجيا الرقمية في تقديم الخدمات الحكومية وزيادة المشاركة المجتمعية. هذه الدول تستثمر في الابتكار والبحث والتطوير لتعزيز البنية التحتية الرقمية وتقديم خدمات حكومية ذكية وسهلة الوصول.

 

الدولةمؤشر الحوكمة الإلكترونيةالترتيب العالمي
الدنمارك0.97501
كوريا الجنوبية0.96002
فنلندا0.95503
السويد0.95004
النرويج0.94505
سنغافورة0.94006
هولندا0.93507
أستراليا0.93008
نيوزيلندا0.92509
المملكة المتحدة0.920010

كيف يمكن للجزائر الاستفادة من هذا المؤشر؟

من الواضح أن الجزائر تحتاج إلى اتخاذ خطوات جدية لتطوير منظومة الحوكمة الإلكترونية، وذلك من خلال:

  1. زيادة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية: يجب على الجزائر تحسين البنية التحتية للإنترنت وضمان وصولها لكل المواطنين، وذلك لتمكين التحول الرقمي.

  2. تعزيز المشاركة الإلكترونية: يعد مؤشر المشاركة الإلكترونية أحد أضعف النقاط في أداء الجزائر، لذلك يجب العمل على إطلاق منصات تشجع المواطنين على المشاركة في صنع القرار وتقديم الشكاوى والمقترحات.

  3. التعاون الإقليمي والدولي: يمكن للجزائر الاستفادة من تجارب الدول المجاورة والدول المتقدمة من خلال تبادل الخبرات والتعاون في مجال التكنولوجيا الرقمية.

  4. تطوير الكفاءات البشرية: يجب على الحكومة التركيز على تدريب الموظفين الحكوميين على استخدام التكنولوجيا الرقمية وتطوير الكفاءات التي تساهم في تنفيذ مشاريع التحول الرقمي.

  5. الشفافية والمساءلة: يمكن أن تسهم الحوكمة الإلكترونية في تعزيز الشفافية والمساءلة، وهو ما يمكن أن يزيد من ثقة المواطنين في الحكومة ويحفزهم على استخدام المنصات الرقمية.

عمل كبير ينتظرنا

يعد مؤشر الحوكمة الإلكترونية أداةً هامة لتقييم مستوى التقدم الرقمي للدول، وهو يعكس مدى استعداد الحكومة للتفاعل مع المواطنين والشركات بشكل فعال وشفاف. بالنسبة للجزائر، يشير المؤشر إلى وجود حاجة ملحة للتحسين والتطوير في هذا المجال، خاصة عند مقارنتها بدول عربية وإقليمية والدول المتقدمة أيضا.

إن التحسين في مجال الحوكمة الإلكترونية سيسهم بلا شك في تعزيز التنمية المستدامة في الجزائر، وزيادة كفاءة الخدمات الحكومية، وتعزيز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، وهو ما يجب أن يكون ضمن أولويات الحكومة لتحقيق مستقبل أفضل.

عبد القادر بن خالد

عبد القادر بن خالد، صحافي جزائري وخبير في الإعلام الرقمي، ساهم في الانتقال الرقمي لقناة الجزيرة بعد انضمامه لها سنة 2014 وعمل رئيسا لقسم التواصل الاجتماعي بالجزيرة نت قبل استقالته نهاية 2021، يعمل حاليا مديرا للابتكار والنمو في مؤسسة فضاءات إحدى أكبر المجموعات الإعلامية في المنطقة العربية.

شاركنا رأيك